للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنتيجة التي نود إظهارها هي أن السنة النبوية تختلف عن المذكرة التفسيرية للقانون الوضعي، فالأخيرة لا تعد تشريعًا وبالتالي لا تلزم القاضي ولا غيره بينما لا خلاف بين المسلمين على أن السنة النبوية هي تشريع من الله الذي عصم نبيه من الخطأ في بيان حكم الله للناس، ولهذا فما ورد بها يجب العمل به ولو كان حكمًا جديدًا لم تتضمنه نصوص القرآن وتستوي بعد ذلك أن توصف السنة بأنها مبينة أو مفسرة أو مكملة لأن هذه الأوصاف لا يترتب عليها استبعاد حكمها أو إضعافه، ولهذا لا وجه بأن تشبه السنة بالمذكرة التفسيرية للقانون.

إن الخطأ الشائع بأن السنة كالمذكرة التفسيرية للقانون يرجع إلى عدم معرفة منزلة هذه المذكرة من القانون، فالسنة مصدر تشريعي يعبر عنها بالمصدر الثاني، أما المذكرة التفسيرية للقوانين الوضعية، فهي ليست نصًا تشريعيًا ولا مصدرًا لنص تشريعي إنما تفصح عن المصدر الذي استقى منه النص ثم تبين سبب وضع النص بهذه الصياغة، وبالتالي فهي ليست ملزمة ملزمة للقاضي أو الفقيه بل تكون محل استئناس عند تفسير النص، وعليه فمن شبه السنة النبوية بالمذكرة التفسيرية يضع السنة في غير موضعها، فهي ملزمة للقاضي والفقيه، بل ولكل فرد من المسلمين وهي مصدر تشريعي بجانب القرآن الكريم، وما يرد بها مفسرًا للنص القرآني يستوى ف الإلزام مع ما يرد في السنة من أحكام سكت عنها القرآن لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]، وكذا للأسباب السابق ذكرها.

ومن رد حديثًا ثبت صحته بدعوى أنه غير ملتزم إلا بما جاء في القرآن، يكون بهذا الرد قد ارتد عن الملة، قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥].

<<  <   >  >>