للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسألونه: هل هو رأي له أم هو حديث سمعه من النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وبهذا يثبت الكاتب المجتهد أنه قد جهل الآتي:

١ - أن النسائي قد ولد بعد وفاة النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمائتي عام، فكيف يسأله الفقهاء هل سمع الحديث من النبي أم هو رأي له.

٢ - أن الحديث قد رواه " النسائي " و" البخاري " و" مسلم " (٢)، ولم يطعن أحد من علماء الحديث في أحد من رواة هذا الحديث، كما لا يوجد أي غرابة في لفظ الحديث أو معناه.

٣ - أن محدثات الأمور التي تعد من البدعة هي اختراع في أمور الدين ولا صلة له بأمور الدنيا، ففيها قال النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما في " صحيح مسلم ": «أَنْتُمْ أَعْلَمُ [بِأَمْرِ] دُنْيَاكُمْ» (*)، وقد شرح الإمام الشاطبي البدع وأنواعها في كتابه " الاعتصام " المكون من جزئين كبيرين فأوضح أن المبتدع في الدين جعل نفسه كالمضاهي لله في شرائعه ففتح أبوابًا للشقاق والخلاف ورد قصد الشارع في الإنفراد بالتشريع (٣).

ثانيًا: أن الكاتب اختلق أقوالاً نسبها إلى الفقهاء وهي مناقشتهم للنسائي في أمر الحديث وقولهم: إن الحديث النبوي لا يقبل لدى جمهور المسلمين إلا إذا كان متواترًا، ولقد تجاهل الكاتب أن أبسط قواعد الأمانة أن يُعَيِّنَ أسماء الفقهاء الذين نسب إليهم هذه الأقاويل وأن يذكر المصدر العلمي الذي نقل منه ذلك.

ولكنه لم يفعل لأن هذه الأقوال من نسخ خياله.

ثم زعم أن السنة النبوية لا يعمل بها إلا إذا رويت بطريق التواتر ونسب ذلك إلى الفقهاء ظُلْمًا وَزُورًا.

ولقد أوضح الإمام الشاطبي أن من قال ذلك فقد ابتدع أصلاً في الدين، لأن عامة التكاليف الشرعية مبنية على أحاديث الآحاد (٤).


(٢) " التاج الجامع للأصول ": ج ١ ص ٤٤، و" مختصر صحيح مسلم ": ج١ الحديث ٤١٠.
(٣) و (٤) " الاعتصام " للشاطبي: ج ١ ص ٥١ و ١٠٩.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) مسلم، " الجامع الصحيح "، تحقيق وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي: (٤٣) كِتَابُ الفَضَائِلِ (٣٨) بَابُ وُجُوبِ امْتِثَالِ مَا قَالَهُ شَرْعًا، دُونَ مَا ذَكَرَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَعَايِشِ الدُّنْيَا، عَلَى سَبِيلِ الرَّأْيِ، حديث رقم ١٤١، ٤/ ١٨٣٦، الطبعة الثانية: ١٩٧٢ م، نشر دار إحياء التراث العربي. بيروت - لبنان.

<<  <   >  >>