وبنيت عليه. ومنهم من قال إنَّ السُنَّة تستقل بتشريع الأحكام فتحريم غير الأمهات وحرمة الجمع بين البنت وعمَّتها والبنت وخالتها، وحرمة لحم الحُمُر الأهلية وكل ذي مخلب من الطير أو ناب من السباع. وغير ذلك من الأحكام التي لم ترد في القرآن إنما استقلَّت بها السُنَّة، لأنَّ الله تعالى أوجب طاعة الرسول، استقلالاً في قوله تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩].
ووجه الاستدلال بالنص أنَّ طاعة الرسول جاءت استقلالاً، أما طاعة أولي الأمر فجاءت في حدود ونطاق طاعة الله ورسوله لأنها عطفت عليهما.
ولقد زعم بعض تلاميذ المستشرقين ممن انتسبوا إلى العلم بأنه يلزم عرض السُنَّة على القرآن، فإنْ أتَتْ بحكم ليس فيه فلا نأخذ به، وقد تبنى ذلك الشيخ أبو رية في كتابه " أضواء على السنة المحمدية ".
ولكن الخلاف الواقع بين الفقهاء لا ينبغي أنْ يكون سندًا لهؤلاء المُغرضين، لأنه خلاف في المصطلحات والمناهج فحسب، فقد يراها البعض أمراً زائداً على ما جاء به الكتاب، بينما يراها آخرون مجرد بيان، ويراها البعض تأكيداً لما جاء به النص القرآني لا أكثر من ذلك، ويرجع هذا إلى مداخل وجوه البيان الناتجة عن دقة ملاحظة الفوارق بينها.
فالخلاف الواقع في صدر الأمَّة في هذا الشأن نظري. ولهذا فالنتيجة العملية أنَّ السُنَّة الزائدة عما ورد في القرآن، حُجَّةٌ يجب العمل بها وإنْ اختلفوا في وصف هذه السُنَّة، وفي هذا قال ابن القيم: «السُنَّة مع القرآن على ثلاثة أوجه إحداها أنْ تكون موافقة له من وجه، والثاني أنْ تكون بياناً لما ورد بالقرآن وتفسيراً له، والثالث أنْ تكون موجبة لحكم سكت القرآن