للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه أو بحرمة لما سكت عن تحريمه ولا تخرج عن هذه الأقسام، فما كان فيها زائداً على القرآن فهو تشريع مبتدأ يجب طاعته فيه ولا تحل معصيته» (١).

وصحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يفرِّقُوا بين سُنَّة ورد فيها نص من القرآن وسُنَّة الحكم فيها يعتمد على الحديث وحده، لأنَّ الله تعالى قد قال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] كما قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠].

وفي هذا قال ابن حزم: «لَوْ أَنَّ امْرِءًا قَالَ: لاَ نَأْخُذُ إِلاَّ بِمَا وَجَدْنَا فِي القُرْآنِ لَكَانَ كَافَرًا بِإِجْمَاعِ [الأُمَّةِ]» (٢).

لقد انتهى عصر جمع السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وعصر تمحيصها وأصبح من اليسير معرفة وضع الحديث النبوي ودرجته من الصحة أو الضعف أو الوضع والبطلان، فلا يجوز والحالة هذه أنْ يضعِّف أحد من السُنَّة النبوية بالإقلال من منزلة أحاديث الآحاد، والتركيز على أنها ظنية الثبوت، لأنَّ هذا المصطلح كان لأسباب خاصة في تحديد من يجوز أنْ يتهم بالكفر في مجال رد الحديث النبوي.

وقد أجمعت الأمَّة على مر العصور، على أنَّ السُنَّة حُجَّة ويجب العمل بها كالقرآن الكريم، لا فرق في ذلك بين المتواتر منها والآحاد.

ولا يختلف مسلم مخلص اليوم على أنَّ من وسائل إضعاف الإسلام في نفوس المسلمين هو إبعاد السُنَّة كلها أو بعضها، وهذا يتحقق باستبعاد سُنَّة


(١) " إعلام الموقعين " لابن القيم: جـ ٢ ص ٢٢٨.
(٢) " الإحكام في أصول الأحكام ": جـ ١ ص ١٠٩.

<<  <   >  >>