للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفعل، بفيضان (١) نوره عليه، لا بعلم، ولا بقدرة، ولا بإيثار، ولا بشيء من تلك المعاني الواجبة له. وقد تبين لكم أن هذه أسماء، لا فائدة تحتها، وتهويلات، لا طائل وراءها.

قال القاضي أبو بكر (٢) رضي الله عنه: فإذا تقرر أن العقل هو العلم أصلا، وتقرر بيننا وبين هذه الطائفة المتسترة بغطائنا فرعا، بنينا عليه غرضنا معهم، وقلنا لهم: إذا كان العمل هو العلم (٣)، أو نحو منه، أو صفة يتأتى بها درك العلوم، وكان الوجوب عبارة عن فعل يتعلق به الذم (٤) عندنا (٥) أو العقاب عندكم (٦)، فأي معنى يربط أحدهما بالآخر أبدا؟ وتحقيقه أن الوجوب ليست (٧) بصفة تقوم بالموجب، كسائر صفات المعاني القائمة بالذوات، وإنما هو عبارة عن لزوم الفعل لفاعله، واللزوم عبارة عن قول صدر عن الموجب اللزم، لم تحصل (٨) فيه مثنوية، ولا مكن فيه من تركه (٩)، إن كان من طريق الابتلاء، وإن كان من طريق الضرورة الآدمية [و ٦١ أ] كشرب العاطش، وأكل الجائع، فهو عبارة عن استدعاء النفس فعلا، قام بذات المستدعى له، دل إليه، يذهب به (١٠)، ما قام به، أو يجلب إليه، ما ينتفع به. ومعرفة الله صفة مكتسبة بأمره، فما لم يكن منه أمر (١١)، لم يكن له وجوب، لا (١٢) سيما وهم يقولون: إن الوجوب يعرف باستحقاق العقاب، وذلك خبر عن فعل، يقع عقيب (١٣) فعل، وذلك لا يعلم إلا بالخبر، أو بالعادة، وشيء من ذلك ليس عند المكلف.

فإن قيل: قد تقدم أنه يقوم بذات المكلف خاطر بأن له ربا أنعم


(١) ج: ففيضان، د: يفيضان.
(٢) د: قال أبي.
(٣) ب: - العلم.
(٤) د: الذم به.
(٥) ب، ز: عندكم.
(٦) ج، ز: عندنا.
(٧) كذا في جميع النسخ.
(٨) د: يجعل ج، ز: يحصل.
(٩) د: ترك.
(١٠) ج، ز: كتب على الهامش: عنه.
(١١) ج: تكرر: لم يكن منه أمر.
(١٢) د: ولا.
(١٣) د: عقب.

<<  <   >  >>