للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه، وأن ذلك يعين شكره، ويحضر (١) خاطره، أنه إن شكره أثابه، وإن ترك ذلك استحق عقابه، فيستحثه عقله على تخليص نفسه، قلنا: هذه مقدمات (٢) فاسدة في ذاتها (٣)، فاسدة بنقصانها. أما قولهم: إنه يقوم بذات العبد، أن له ربا، فإنه كلام ملتبس (٤) ابتدئ به، وركب عليه مثله (٥)، أما تصور قيام هذا الخاطر بالقلب الفارغ عن أمثاله ففرض (٦) محال عادة، فإن العبد (٧) إنما يعقل (٨) عند نشأته منافعه الحسية، وملاذه، ووجه طرق تحصيلها بأسبابها التي تشاركه في جملتها وتفصيلها البهيمة، وغيرها، إذ كل نفس سواها ربها، وألهمها فجورها وتقواها وعبر عن المنفعة بالتقوى وهي منها، وعن المضرة بالفجور وهي منها، بحكمة عظيمة بيناها في أمالي "أنوار الفجر".

فأما النظر في الصانع وحقيقته، والخاطر على أصل الوجود وصفته، فلا ينشأ في الخاطر ابتداء في العادة بحال إلا أن يقرن بسماع أمثاله، من أشكاله، فيما هو عليه من أصل الفطرة، لتوضح (٩) الجادة التي يتفطن لها، وإنما يتصور هذا كله بعد إرسال الرسل، والتعريف بالإله، وإلزام الشكر، فشاع ذلك في ألسنة الخلق، فمن سمع بالتحقيق، فسلك الطريق، أفضى به إلى المورد، [و ٦١ ب]، ومن سمع التحقيق وأخطأ (١٠) كأمثالكم الطريق، وقع في الهلكة. وقد يرى بعضهم قوما يعبدون الأصنام والحجارة، لأنها - بزعمهم - تضر وتنفع، فيرى بخاطر عارض بقدر (١١) سماوي إلهي، أنها (١٢) ليس كذلك، فيعلو بهمته إلى فوق، فيعبد الشعري العبور لضيائها، أو (١٣) القمر، أو الشمس. وقد يرى آخر أن هذا ليس بشيء، أو يسمع (١٤) أن هنالك دينا خيرا


(١) د: يحضره. ز: في الهامش: في نسخة ت يخطء.
(٢) د: مقامات، ج، ز: منامات. وكتب على هامش ز: عله: مقدمات.
(٣) د: - فاسدة بذاتها.
(٤) د: ملبس.
(٥) ج: تكرر: أنه يقوم بذات العبد أن له ربا.
(٦) د: فعرض.
(٧) ب، ج، ز: المرء.
(٨) ج، ز: يفضل.
(٩) د: يتوضح. وكتب على هامش ب، ز: فتوضع.
(١٠) ج: وأخلصه.
(١١) ب: - بقدر.
(١٢) د: أنه.
(١٣) ج: - أ.
(١٤) ب، ج، ز: سمع.

<<  <   >  >>