للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قولهم: إن ما يأتي على أيديهم من الأفعال الغريبة لا يوثق به، لوجودنا في الخواص أفعالا غريبة، فلا معنى له فإنا (١) قد حققنا أن (٢) المعجزات لا بد أن تكون خارقة للعادة، خرقا يتجاوز الأوهام المتعلقة بالحيل والخواص، مما يعلم أنها من أفعال العباد خاصة. أو لا نرى (٣) أن إبراء الأكمه، وإحياء الموتى، لا ينال بحيلة، ولا يعد في خاصة؟ وما عرف الباري إلا بأفعاله، التي لا يقدر عليها سواه، فما عرف به المرسل به، يعرف الرسول، وهذه نكتة بديعة، لم أزحم عليها فافهموها واعتبروها تلفوها (٤) كذلك.

وهؤلاء (٥) أرباب الخواص قد جمعوها من وجوهها، وإنما هي أفعال مخصوصة، بوجوه مخصوصة (٦). فإن قيل فقد رويتم أن في الأرض ماء، إذا جعل على الميت حي، فإن قلتم: هذا صحيح، فإن كان أدركه عيسى فهي معجزة، فإن ذلك لا يدرك إلا بتجربة جميع مياه الأرض، ولعل ذلك كان مخصوصا بوقت ومحل. وأيضا فإن خاصة ذلك (٧) العين إحياء الموتى وإبراء الأكمة، وصحة الأبرص، والأجذم، من أين يكون (٨)، والخواص لا تشترك أفعالها؟ هذا ونحن لا نجعل للخاصية (٩) طبيعة في المحل، ولا صفة تقوم به، ولا قوة فيه، وإنما نقول: إن الباري تعالى يخلق عند اقتران بعض الحال ببعض (١٠)، وبعض الأمور ببعض (١١)، ما شاء من الأفعال المعتادة أو الغريبة. هذا وقد اتفق العقلاء على أن الخواص مما لا يدرك بالتجربة، وإنما تنال (١٢) بالعلم الإلهي. وقد يرى الطبيب دواء (١٣) يفعل فعلا لا يناسبه في الذي


(١) ب: فإنما.
(٢) ب، ج، ز: - أن.
(٣) د: ترى.
(٤) ب، ج، ز: تلقوها.
(٥) ز: كتب على الهامش: وهو أن ليس أرباب.
(٦) د: محصورة.
(٧) كذا في جميع النسخ.
(٨) د: تكون.
(٩) د: الخاصة.
(١٠) د: لبعض.
(١١) د: لبعض.
(١٢) ب: ينال.
(١٣) ب، ج، ز: - دواء.

<<  <   >  >>