للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موضوع في أصله على تدبير (١)، فالذي دبر الوضع الأول، دبر الثاني، وأنت إذا أضفت تدبيره إليه، وأحلت به عليه، مع علمك بأنه عارية فيه، فلا بأس بذلك، فقد أذنت (٢) فيه الشريعة، وإن أنت أعطيته الكل، وحكمت له بأنه أدركه بذاته فقد جهلت نفسك ومن لا يعلم نفسه، كيف يعلم غيره؟.

ومن كلام الناس الذي لم يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحكمة ضالة المؤمن". يعني به العلم (٣) المكتسب، ولا رأى الناس بعضهم يقترف ما يقر بضرره ويعترف (٤)، قالوا: إنه ليس بحكيم، أي ليس بعالم لأن عمله (٥) بخلاف ما استقر في علمه، دليل على (٦) الجهل، بما ادعى أنه علمه. وإلى هذا المعنى عاد قوله - صلى الله عليه وسلم - (٧): "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" (٨) حسبما بيناه في شرح الحديث وغيره، وأشرنا إليه آنفا (٩)، وكيف يصح أن يكون عالما بشيء، يقتحم (١٠) خلافه؟ كما لا يصح أن يضع (١١) أحد رأس سيفه في الأرض (١٢)، وذبابه بين ثدييه، ويتحامل عليه، وهو عالم بأنه هالك به (١٣)، ولا أن يخرج عينه بيده، ومن فعل ذلك، فإنما هو لذهاب عقله، أو ليدفع بذلك ضررا أشد منه، فيكون في الأول (١٤) عاملا بغير علم، وفي الثاني عاملا بعلم،


(١) ز: كتب على الهامش: مبحث جليل في وضع الاعتقادات في النفس والأعمال في الجوارح وأنه لا يستقل به الآدمي.
(٢) ز: كتب على الهامش: يعني أن الشريعة نسبت الأفعال إل الخلق.
(٣) ب، ج، ز: يعني بالعلم. وكتب على هامش ب، ز: يعني به العلم.
(٤) ج؛ يعترف ما يقر بضرره ويقترف. ز: يقر: يقترف.
(٥) ب، ج، ز: أي علمه.
(٦) ب، ج، ز: - على.
(٧) ب، ج، ز: - صلى عليه وسلم.
(٨) رواه الشيخان.
(٩) ب، ج، ز: س آنفا.
(١٠) د: يفتح.
(١١) ج: يصنع.
(١٢) ز: بالأرض.
(١٣) ب، ج، ز: - به.
(١٤) ب، ج، ز: الأول.

<<  <   >  >>