للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا المعنى إذا فهمته زده تقريرا (١)، وركب عليه ما تحتاج (٢) في التفهيم (٣)، أو في النظر إليه.

وأما فضيلة (٤) الشجاعة فحقيقتها (٥) إنما هو ثبات (٦) النفس عند حلول المصائب، وذلك يرجع إلى دوام العلم وحضوره، فإذا كان المرء عالما بالأمر، وطرأ (٧) عليه ما يذهله عما كان يعلمه صار [و ٧٠ ب]، فعله غير محصل، أو بعلم آخر طرأ عليه، أو وهم لم يتعلق بالموهوم على ما ينبغي، أو مشكل من المعنى لم يتبصر وجه كشفه، وأعجلته الحالة عن تحقيقه (٨)، فأما (٩) إذا حضره (١٠) العلم فلا يبالي عما ينزل به، من مصيبة، أو يطرأ عليه من مشكل، فإنه يقابله بما عنده من الكشف والإيضاح. وقد قالوا: إن الشجاعة فضيلة للقوة الغضبية، وهذه حقيقة، يريدون أن يركبوها على دعوى يدعونها، وليس للغضب قوة، ولا للحمية التي يزعمون أنها تنضاف إليها، أو تتعاضد معها، لا سيما على أصلهم في التوليد، فإنه أمر طبيعي، فلم يركبون عليه ما يجري مجرى الخطبة (١١) التي هي عندهم في غير طريق التحقيق والبرهان (١٢)؟ وقالوا: إن التهور زيادة على اعتدال القوة الغضبية، والجبن نقصان منها. وهذا كله كما يقول أهل بغداد: "بناء شاذوف (١٣) على قاذوف ليأتي منه لافوف".

فليس لهذه (١٤) الأقوال كلها معنى إلا نقصان العمل، بما يطرأ من الآفات، فيصدر العمل على (١٥) جهل، فيقع بخلاف الطبق، وخارجا (١٦) عن الوفق.


(١) ج، ز: تقديرا. وكتب على الها ش: تقريرا.
(٢) ج، ز: يحتاج.
(٣) د: التفهم.
(٤) ب، ج، ز: قصية.
(٥) ب، ج، ز: فحقيقته.
(٦) ج: نبات.
(٧) ب، ج، ز: فطرا.
(٨) ب، ج، ز: تحققه.
(٩) ب، ج، ز: - فأما.
(١٠) ب، ج، ز: فإذا أحضره.
(١١) ب، ج، ز: الحطة. وكتب على هامش ز: عله: اللحظة.
(١٢) ب، ج: ز: - والبرهان.
(١٣) ب: شادوف.
(١٤) ج، ز: لهذا.
(١٥) د: عن. ز: في الهامش: في نسخة: عن.
(١٦) ب، ج، ز: خارخ.

<<  <   >  >>