للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أفل، فالذي يراه ويراك في كل وقت أولى بالسجود له، وقال للذي سجد للقمر: {هذا أكبر} جرما من ذلك، وأظهر فعلا، ولا سيما إن كانت له مقثوة (١) فإنه لسخفه يعبر بها (٢)، فلما غاب عنه قال له مثل ما قال للأول، وزاد أنه لو دام على المقثوة لأفسدها، فقد زال الآخر الذي (٣) هو أكبر جرما (٤) منها (٥)، وأكثر فعلا فيها، فإياه فاعبد، فلما أفلت قال: ما هذا الباطل؟ لا (٦) سجود لمصرف محكوم، على مقدار معلوم، متداول مع غيره، معاقب له، بينهما برزخ لا يبغيان، دل على أنهما محكومان. وما قدر هؤلاء الثلاث في جنب سائر المكونات من السفليات والعلويات؟ ومع أنكم تقولون: إن الشمس دون زحل في الرتبة وإن زحلا قد حاز (٧) العلو، فما هذه الآراء المتهافتة، التي لا يضم نشرها رأي (٨)، ولا يحيط بأخبارها وعي؟ ارجعوا بعبادتكم إلى الذي دبر الكل، وفطر الجميع، ولا تشتغلوا بالوسائط (٩)، فليس لها حكم، وإنما هي أمثالكم في التسخير والتقدير، فأفردوه بالعبادة دونها، ولا تشركوا (١٠) به أحدا. ويعضده قوله: {وحاجه قومه} [الأنعام: ٨٠] وقوله: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} [الأنعام: ٨٣] فإنها بأبصار، وعلمنا قطعا أنها كانت محاجة لا شكا (١١). فأما جواز اعتماد الأنبياء للباطل، والكفر قبل البعث (١٢)، فكما يعلم (١٣) أن الله على كل شيء قدير، يعلم (١٤) قطعا، أنه قد


(١) ز: كتب على الهامش شرح للمقثوة: أي سانية مزروعة بالقثا. ب: مقثؤة. والأحسن أن يكون رسمها هكذا: مقثاة، ويمكن أن تضم فيقال مقثؤة بضم الثاء، وهو موضع القثاء بكسر القاف وضمها، وهو الخيار.
(٢) ب، ج، ز: يستحقه لغبريها.
(٣) ب، د: - الذي.
(٤) ب، ج، ز: - جرما.
(٥) كذا في جميع النسخ ولعله (منه) لأن المقر مذكر كما نبة إلى ذلك ابن باديس في تعليقه.
(٦) د: - لا.
(٧) ب، د: جاز.
(٨) د: برأي.
(٩) ب: بالبسائط.
(١٠) د: معه.
(١١) د: شك.
(١٢) ج، ز: البعثة.
(١٣) ب، ج، ز: نعلم.
(١٤) ب، ج، ز: نعلم.

<<  <   >  >>