للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمنهم من ذلك، وأخبر أنهم مطهرون من ذلك في الأزل (١). قيل للنبي (٢) متى وجبت لك النبوة؟ قال (٣): وآدم بين الروح والجسد، وبين (٤) الماء والطين. خرجه الترمذي وصححه، وهو صحيح باللفظ الأول. فإن قيل: هذه الاستدلالات ظنية، فإنه ليس يمتنع (٥) أن يكون [و ٧٧ أ] صبيا، ويشكل عليه الأمر، فكذلك لا يبعد أن تكون (٦) دلالة الحدوث عنده أكثر من دلالة الجسمية وأظهر، لا (٧) سيما وكان محبوسا في غار لأمه، خوفا من ملك زمانهم، يعيش من طرف أصبعه (٨)، وذكره لرؤية (٩) ملكوت السموات والأرض، يجوز أن يكون الله ذى حال نهايته ثم رجع إلى بدايته. قد قلنا (١٠) القول القطعي، بغاية البيان كما تقدم، وليس ما ذكره الله بينا، ظنا - وهذا لا تفهمه الأعاجم - إن الله تعالى قال مخبرا عن الخليل أنه قال لأبيه: {أتتخذ (١١) أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين} [الأنعام: ٧٤] فلم يخبر عنه بشك فيها، ثم نظر فاستيقن، وإنما أخبر عنه بتوحيد ظاهر، وقول بين، ثم عطف عليه فقال: {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض} [الأنعام: ٧٥] أي أنا أريناه وجه الحق في الأصنام الأرضية، كذلك نريه وجه الحق في الأجسام العلوية ليكون من الموقنين، ولم يخبر أنه أراه أجسامها، وإنما أخبر أنه أراها إياه، فرآها ملكوتا مدبرة مسخرة، ومن كان محبوسا في غار لا يرى في الليل، ولا في النهار فيخرج منه فيرى الكواكب لا يخطر بباله أن له ربا، فكيف أن يجعله كوكبا؟ ولا شك أنه سمع (١٢) من أنيسه في الغار أحاديث الأخيار والأشرار. وما يقال: أنه تحدث به عنه، وعن أمثاله، من أنه يخرب الملك، فسمع أن هنالك ملكا يخرب هذا الملك، فتعلق (١٣) وهمه به، فإذا


(١) د: الأول.
(٢) ج، ز: + صلى الله عليه وسلم.
(٣) ج: فقال.
(٤) د: - وبين.
(٥) ج، ز: بممتنع.
(٦) ج، ز: يكون.
(٧) ب، ج، ز: ولا.
(٨) ب، ج، ز: أصبعيه.
(٩) ز: لرؤيته.
(١٠) د: قدمنا.
(١١) أخطأ الناسخ فكتبوا الآية هكذا: {أتعبد أصناما} في النسخ الأربعة.
(١٢) د: إلا أنه قد سمع. ج: أن سمع
(١٣) د: ويتعلق

<<  <   >  >>