للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: إنه أكبر من العرش بمقدار يسير، فكيف ينزل إلى السماء وهو أكبر من جميعها؟ أي حتى (١) بحمله تعالى على الوجهين، ولم يفهموا أن النبي إنما خاطب بذلك العرب والفصحاء اللسن، وقد ثبت فيها أن التنزيل (٢) على الوجهين نزول حركة، ونزول إحسان وبركة، فإن من أعطاك قد نزل إليك (٣) إلى درجة النيل المحبوبة عندك عن درجة (٤) المنع المكروهة، كما أنه نزل من وده (٥) لك (٦) عن حال البغضاء والإعراض عنك، وهو نزل حقيقة في بابه، كما أن نزول المرء على الجبل إلى السفح حقيقة في بابه ألا ترى إلى قول عنترة:

ولقد نزلت فلا تظني غيره...مني بمنزلة المحب الأكرم (٧)

وقال عمر رضي الله عنه في الإسلام: (وما ينزل بعبد مسلم من منزل شدة) وهو معنوي، لا حركة فيه ولا انتقال، وفائدته أن الكريم إذا حل بموضع، ونزل بأرض، ظهرت فيها أفعاله، وانتشرت بركته وبدت آثاره (٨)، فما بث الله من رحمته من السماء (٩) الدنيا على الخلق في تلك الساعة عبر عنه بالنزول فيه، عربية صحيحة (١٠).

وأما قولهم: إنه يتكلم بحرف وصوت فهو معنى أصلته القدرية لقولها بخلق القرآن، وإن الله خلق في الشجرة كلاما فهمه موسى كما يفهم كلام الإنسان، فجرى أولئك على فصل من البدعة فاسد الأصل، معلوم المعنى. فلما جاءت هذه الطائفة، ووجدت (١١) القول بخلق القرآن كفرا، أقروا الحرف والصوت، وأنكروا الخلق، وقضوا بقدم الحرف والصوت، فجاءوا بما


(١) ب، ز: كتب على الهامش: حين. ب، ج: يحمله.
(٢) ب، ز: كتب على الهامش: النزول.
(٣) ب، ز: إشارة إلى أن "إليك" أثبتت في بعض النسخ وأسقطت في الأخرى.
(٤) ب، ز: كتب على الهامش: مرتبة.
(٥) ج، ز: ودك.
(٦) ز: له. ج: - له.
(٧) ب: المكرم.
(٨) ب: أثارته.
(٩) ج: سماء.
(١٠) ب، ز: كتب على الهامش: فصيحة.
(١١) ج: وجدت.

<<  <   >  >>