للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يعقل، ولا هو في حد النظر والمجادلة، ولهم ظواهر لا أصل لها في الصحة، ليس فيها ما يعول عليه، ولا ثبتت صفة به (١) أمثله: حديث عبد الله بن أنيس (٢): (يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد فيناديهم بصوت) ذكره البخاري في التراجم مقطوعا. ومعناه أن مناديه ذو صوت، ليس هو الذي له الصوت صفة. وقد يضاف إلى الباري (٣) ملكه كما تضاف (٤) إليه صفته، فما جاز عليه حمل الأخبار عنه، على الصفة، وما كان غير جائز، حمل الأخبار عنه به على الملك، وإلا ففي الخبر: (ينادي بصوت) وليس فيه يتكلم بصوت. فلم تركتم الظاهر، وجعلتم الكلام والصوت واحدا، وهما قد وردا في موطنين؟ وبين الكلام والنداء ما بين السماء والأرض. وقد قال في حديث القيامة بعينه: (فيأتيهم في صورة ثم يأتيهم في صورة (٥) أخرى) أفيحمل (٦) ذلك على أن الله يتبدل وينتقل ويتحول؟ تعالى الله عن ذلك، فكما أن ذكر الصورة محمول على المعنى، كذلك النداء بصوت محمول على المعنى. فإن قالوا بالصورة والصوت والتعبير بالحوادث، لم يكونوا من أهل القبلة، وحكم بخروجهم أصلا وفرعا من (٧) الملة، ولم يفهم هذه الحقيقة أحد، فهم البخاري (٨) رحمه الله فإنه قال: باب قول الله تعالى: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} [طه: ١٠٩] الآية. ويذكر عن جابر بن عبد الله (٩) عن عبد الله بن أنيس أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا


(١) ج: - به.
(٢) عبد الله بن أنيس الجهني حليف الأنصار، شهد العقبة، توفي سنة ٥٣ هـ/ ٦٧٢ م.
(٣) ب، ز: كتب على الهامش: الملك.
(٤) ج، ز: يضاف.
(٥) ج، ز: صفة. وكتب على هامش ز: صورة.
(٦) ج، ز: فيحمل.
(٧) ب، ز: كتب على الهامش: عن.
(٨) أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري صاحب الصحيح، ولد سنة ١٩٤ هـ/٨٠٩ م وتوفي سنة ٢٥٦ هـ/ ٨٦٩ م.
(٩) ابن عمرو بن حرام الأنصاري من أهل بيعة الرضوان، توفي سنة ٧٨ هـ/ ٦٩٧ م.

<<  <   >  >>