للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الملك أنا الديان" ثم قال عن أبي سعيد (١) الخدري بالسند الصحيح قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول الله عز وجل: "يا آدم يقول: لبيك وسعديك فينادي بصوت، أن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلا النار" فبين سبحانه أن المنادي عنه غيره لقوله: "إن الله يأمرك" والحمد لله.

وأما أحمد بن حنبل فإنما أبى أن يقول: إن القرآن مخلوق، وحمله الظالم على أن يناظره، وقال له: القرآن شيء أو غير شيء فإن قلت: إنه غير شيء فقد (٢) كفرت، وإن قلت: إنه شيء فقد قال الله أنه (٣): {خالق كل شيء} [الأنعام: ١٠٢] فهل يدخل القرآن فيه أم لا؟ فأبى أن يناظره حتى لا ينزل الحق والباطل (٤) في منزلة سواء، ولو جاء القائل أن القرآن مخلوق إلى أحمد بن حنبل مجيء المسترشد لأرشده وأجابه. ولما نزل منزلة القدرة (٥)، وعضده السلطان، سكت عنه لئلا يقع منه ما يفتتن به الملك والناس، ورأى فداء الدين بنفسه فكانت منزلة سنية لم تكن لأحد في الإسلام. وقد ورد في الصحيح حديث صحيح: (إذا قضى الله في السماء أمرا سمعت الملائكة كهيئة السلسلة على الصفوان فيخرون سجدا، حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق، فيقولون: الحق الحق) فتعلق به بعض هؤلاء المبتدعة، وقالوا (٦): هذا نص في أن كلام الله صوت، وقد بيناه في شرح الحديث وغيره. وتحقيق القول فيه أن الله تعالى أوحى إلى رسوله إذا قضى الله، ولم يقل تكلم الله، ولا إذا قال الله. والقضاء في اللغة والشرع يرد على معان كثيرة، وقد يحتمل أن يكون المعنى إذا قال الله بواسطة، ففهم عنه تكلم إليهم، فيغشون لثقل قوله على الملائكة كما قال (٧): يغلب النبي ثقل القول فيغشى عليه. كأنه الجرس، وهو نحو من السلسلة على الصفا، وبعض الملائكة أقوى من بعض كما أن بعض الآدميين أقوى من بعض، فقوة جبريل


(١) سعد بن مالك الأنصاري، فقيه صحابي، توفي سنة ٧٤ م/ ٦٩١ م.
(٢) ب: - فقد.
(٣) ب: - إنه.
(٤) ج، ز: الباطل والحق.
(٥) ز: كتب على الهامش: عله: القدرية.
(٦) ب، ز: قال.
(٧) ز: كتب على الهامش: كان.

<<  <   >  >>