للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في صورة كبش أملح، فيوقف على الصور بين الجنة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنة فيشرئبون ينظرون، ثم يقال: يا أهل النار، فيشرئبون ينظرون، فيقال لهم: أتعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا (١) هو الموت فيذبح، ثم ينادي منادي يا أهل الجنة خلود، فلا موت، ويا أهل النار خلود، فلا موت، فلولا أن الله قضى لأهل الجنة الحياة، والبقاء، لماتوا فرحا، ولولا أن الله قضى لأهل النار الحياة فيها والبقاء، لماتوا ترحا".

قال القاضي أبو بكر رضي الله عنه: لما سمع الناس هذا الحديث، من ذهاب الصدر الأول، قالت طائفة: لا نقبله، فإنه خبر واحد، وأيضا فإن جاء بما يناقض العقل، فإن الموت عرض، والعرض لا ينقلب جسما، ولا يعقل فيه ذبحا، ولما استحال ذلك عقلا، وجب أن يمنح الحديث ردا. وقالت طائفة أخرى: إن كان ظاهره محالا، فإن تأويله جائز، واختلفوا في وجه تأويله على أقوال قد بيناها في كتاب "المشكلين"، أصلها (٢) قولان: أحدهما أن هذا مثل، كما لو رأى أحد ذلك في المنام في زمان وباء، فيقال له: هذا الوباء قد زال، ويقع في قلبه في المنام، أن ذلك هو الوباء، وأنه بذبحه يرتفع عن المكان الذي هو فيه. وهذا له رونق، وربما (٣) تلفق وتنمق، وآخر الأمر لا يستمر ولا يتحقق.

الثاني: أن الذي يؤتى به متولي الموت، وكل ميت يعرفه، فإنه تولاه (٤)، فإذا استقرت المعرفة به، أعدم لهم، العدم الذي عهدوه ولو شاء ربنا (٥) لخلق لهم العلم بذلك ضرورة، ولكنه رتب لهم هذه القصة بهذه الحكمة، ويعبر عن المتولي لذلك الشيء باسم ذلك الشيء (٦) قال فصيحهم:

يا أيها الراكب المزجى (٧) مطيته...سائل بني أسد ما هذه الصوت

وقل لهم بادروا بالعذر والتمسوا...قولا يبريكم أني أنا (٨) الموت


(١) ج، ز: - هذا.
(٢) ب، ز: أصلهما.
(٣) ب: فما.
(٤) ب: يتولاه.
(٥) ز: في نسخة: ربك.
(٦) ب: وقال.
(٧) ج، ز: المرصى.
(٨) ج: أنني.

<<  <   >  >>