للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والذي يعضد هذا التأويل، ويحققه (١) قوله تعالى: {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجد شيئا، ووجد الله عنده، فوفاه حسابه} [النور: ٣٩] فأخبر عن جزائه (٢) بذاته الكريمة، فكذلك يخبر عن الموت بمتوليه فاعلموا ذلك، وقد مهدنا القول مستوفى في تفاصيل الخبر، في كتاب "المشكلين" بما لبابه: إن خروج الروح من الجسد إن لم يكن موتا، إذ (٣) كان الموت لا يكون حياة إلا برجوعه إلى الجسد، فإذا ذبح الكبش، ولم تخرج (٤) روحه، فلا يرى أحد الموت، وإن رآه بعد خروج روحه، فلم تذبح (٥) الموت، وإن رآه وقد خرج بعضه فليس بموت، والموت في حقيقته لا يتبعض، وإن توقفنا في الروح هل يدخل أو يخرج (٦)، وإن قال: أرى مقدماته، عاد إلى المجاز، وأهل القيامة لم تبق (٧) لهم غريبة لم يروها، ولا عادة منخرقة إلا عاينوها، فإنهم رأوا الأجسام الثقال تعلو، وعاينوا في الصراط الأجسام الثقال تمشي على المحدد (٨) الدحض (٩) ثابتة، وتجري كجرى الخيل، وتسير سير الريح، وتخطو خطو البرق، وأحسوا بالظمأ قد ارتفع من شرب الحوض، ورأوا العرق يسيل (١٠)، فيأخذ (١١) كل إنسان عرقه على مقدار (١٢) ذنوبه، فيكون الشخصان متجاورين كخبزة النقي (١٣)، وأحدهما قد غرق في العرق، حتى شرق، وجاره قد بلغ إلى نصف ساقه، ورأوا القسطين على كراسي في الهواء قعودا (١٤) إلى غير ذلك من عظم الآيات، وأعظم منه الحياة بعد الموت، والقيام من الوفاة إلى الحياة، فقد تحققوا الحياة أولا، وثالثا، والموت ثانيا، فلا سالف إلا وقد حصل عندهم في باب كان، وسحبوا عليه ذيل العرفان، فلو ذبح لهم الموت قبل البعث لقال


(١) ج، ز: وتحقيقه.
(٢) ز: كتب على الهامش: في نسخة: جوابه.
(٣) ج: إذا.
(٤) ب: يخرج.
(٥) ب: يذبح.
(٦) ج، ز: هل يخرج أو يدخل.
(٧) ج، ز: يبق.
(٨) ب: المجوز. ز: في نسخة: الحد.
(٩) ز: الدخض.
(١٠) ب، ز: تسيل.
(١١) ز: كتب على الهامش: عله: يخوض.
(١٢) ز: قدر.
(١٣) ب: النفي.
(١٤) ب: قعود.

<<  <   >  >>