للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يبعد (١)، لأنه من صفات العقلاء، فكيف بالأنبياء، أن لا يتكلموا في فضول (٢)، ولا يخوضوا في غير تحصيل، ولا يجوز هذا مع من يقصد التشغيب، والتضليل، وأنت ترى، ما انتهى الفضول بعلمائنا في تعرضهم لحد العلم، أن بلغ (٣) القول فيه مع الخصوم، إلى عشرين عبارة ليس منها حرف يصح، وإنما هي خيالات، والعلم لا يقتنص بشبكة الحد، وإذا لم يعلم العلم، فماذا يطلب، أو إلى أي شيء وراءه يتطلع؟ (٤) وإنما أنشأ هذا حثالة المعتزلة، وكلهم حثالة، لإضمارهم الإلحاد، قصد إيقاع التشكيك والإلباس على الخلق في الحقائق، ليتذرعوا (٥) بهذه الطريقة إلى مقصدهم الفاسد، وجعلوا يفيضون في الاعتقاد والعلم حتى أنشأوا كلاما يملأ الفضاء، حقه (٦) أن يقابل بالإعراض وقد أشرنا إليه في التمحيص (٧) وغيره.

قال القاضي أبو بكر (٨): وإذا انتهى النظر إلى هذا المقام، فنقول إنك أيها المرء، بعد، لم [و ١٠ ب] تثبت لك معرفة النفس والروح، والقلب، على ما تزعم، ولا استقرت عندك (٩) حقيقة لذلك، كله (١٠) فكيف (١١) تريد أن تركب عليه، أنه يعلم المخلوقات، ويؤثر في الأرضين والسموات، لقد أبعدت مرماك، حققه على ما يجب، وبعد فركب (١٢) عليه ما تركب.

وأما (١٣) الإشارة بتجرد النفس: أو القلب، عن علائق المحسوسات ليترقى (١٤) إلى المعقولات، فعسى أن يكون ذلك إذا مات، فأما مع الحياة فيبعد ذلك، أو يستحيل (١٥) عادة، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم -، يقول في الحديث


(١) ب: فليس يبعد، ج، ز: فليس ببعيد.
(٢) د: الفضول.
(٣) د: أن يبلغ.
(٤) ج: يطلع.
(٥) د: ليتدرعوا.
(٦) ج: منه.
(٧) ج: التمحيض.
(٨) د: قال أبي رضي الله عنه.
(٩) د: - عندك.
(١٠) د: - كله.
(١١) ب، ج، ز: - فكيف.
(١٢) د: - تركيب.
(١٣) ب: وما.
(١٤) ب: لترتقي، ج، ز: ليرتقي.
(١٥) ب، ج، ز: ويستحيل.

<<  <   >  >>