للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما أصحاب الطبيعة فقصتهم بديعة، وذلك أن القدرية لما كانت تدين دينها، وتسر (١) عقيدتها، وكان الجاحظ المفتري (٢) على جهالته، وثمامة بن أشرس على خساسته (٣)، وابن المقفع على فهاهته (٤)، وابن الراوندي على حماقته، ومن تابع كل واحد منهم في صفاته، تسترت بالإسلام ولبست جلدته، لستر عورتها في مخالفته، وجعلت تغتال (٥) الدين، بمعان (٦) ترهب بها على العامة، وتأخذها من ظواهر الألفاظ، وتدس مذاهبها في عقائدها، كأنها تعضد (٧) الإسلام وتتعلق في ذلك بآيات متشابهات، وأحاديث مشكلات، فتركت (٨) المحكم وراء [و ٣٥ ب]، ظهرها (٩)، لأن (١٠) أرباب الطبيعة يدعون أن النشء في هذا العالم على التركيب، إنما هو من تأثير البسائط في الأصل (١١) و (١٢) وينشأ مركب عن (١٣) مركب، هكذا على الترتيب، وذلك أنهم (١٤) رأوا تركيب الكون في الموجودات المشاهدات، واحدا بعد واحد، فنسبوا الثاني إلى الأول، وعلقوا اللاحق بالسابق، وألحقوا المتأخر بالمتقدم (١٥)، وجعلوه منه باقترانه به في الوجود، وارتباطه معه في التواصل، وذهلوا عن المنشئ الحقيقي، فكانت بصائرهم عبيدا لأبصارهم، وجدالهم أقوى من أبصارهم (١٦)، وتحيلت (١٧) المعتزلة ومن دان دينها من القدرية فقالوا: إن الثاني تكون (١٨) عن الأول برسم التولد.


(١) ب، ج، ز: وتنشر.
(٢) ج: المغربي، ز: المغري. وكتب على الهامش: عله المفتري ٠
(٣) ج، ز: خساسة.
(٤) الفهاهة، والفه: العي.
(٥) ب، ج، ز: تعتال.
(٦) د: بمعاني.
(٧) ج: تقصد.
(٨) د: وتركت.
(٩) ز: كتب على الهامش: قف على الذين تستروا بالإسلام.
(١٠) د: إلا أن.
(١١) ب، ج، ز: كتب على الهامش تصحيحا: في الأرض.
(١٢) ج، ز: أو.
(١٣) د: على.
(١٤) ب، ج، ز: لأنهم.
(١٥) ب: المتقدم المتأخر. د: بالمتقدم المتأخر. ونبه الناسخ إلى أن في العبارة تقديما وتأخيرا بوضع حرفي الخاء والقاف أولهما على كلمة (المتقدم) وثانيهما على كلمة (المتأخر).
(١٦) د: وخذالهم أقوى من أنصارهم.
(١٧) ب: وتخليت.
(١٨) ب، د: يكون.

<<  <   >  >>