للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال القاضي أبو بكر (١): هذه لفظة اخترعها لهم الجاحظ المفتري (٢)، مستفادة من الولادة، وهي خروج الشيء (٣) من الشيء (٤)، وكان هذا لما نشأ عن هذا، ولم يقولوا أنشأه احترازا من المشاركة مع المنشئ المنفرد سبحانه، فقالوا: نشأ (٥) عنه، وعبروا عنه (٦) بالتولد (٧)، تحسينا له، وإخراجا له بزعمهم من حيز المجهول إلى حيز المعلوم.

فأما الفلاسفة فبنوه على أصلهم في أن الفاعل لا يفتقر في كونه فاعلا، إلى حياة وقدرة وإرادة، بل يكون شيء عن شيء، بأمور باردة، ورتب فاسدة، حتى أن بعضهم يقول في تحقيقه، حين ظهر له، أن شيئا من الكوائن لا بد له من مكون: إن الأفلاك تتحرك بعشق بعضها لبعض، إذ (٨) المحرك (٩) منها واحد للآخر، حتى تنتهي إلى قبل الأخير (١٠)، فيقول لك (١١): إنه يتحرك (١٢) بعشقه للأخير الآخر (١٣) فهي حركة عشقية (١٤)، ففر هؤلاء من هذه المقالة، لأشنوعتها (١٥) وقالوا: نشأ هذا عن هذا، وعبروا عنه بالتولد تحسينا له، كما قدمنا، وعلى قاعدة الفلسفة قعدوا، و (١٦) حول دائرتهم دوروا، ولكن [و ٣١ أ] قاعدتهم أهوت بهم، و (١٧) دائرتهم ضنت (١٨) عليهم.

وقد تمهدت القواعد الشرعية والعقلية في إثبات الصانع، ع وأنا أمهد لكم (١٩) طريقين:


(١) د: قال أبي رضي الله عنه.
(٢) ز: كتب على الهامش: قف على اختراع الجاحظ لفظ التوليد.
(٣) د: شيء.
(٤) د: شيء.
(٥) ب: أنشأ.
(٦) د: - وعبروا عنه.
(٧) د: بالتوليد.
(٨) د: - إذ.
(٩) د: والمحرك.
(١٠) ب: إلى فلك الأخير. ج، ز: إلى فلك أخير.
(١١) ب، ج، ز: - لك.
(١٢) ب: تحرك.
(١٣) ب، ج، ز: الآخر.
(١٤) ب: عشقه.
(١٥) ج: لأشنعوتها.
(١٦) ج: - و.
(١٧) ج: - و.
(١٨) ب، ج، ز: ظنت.
(١٩) د: + في ذلكم.

<<  <   >  >>