للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خواصه، وانتهيت في خدمتي له وتقربي إليه إلى أن دفع إليَّ مفاتيح مسكنه، وخزائن مأكله ومشربه، وصَيَّرَ جميعَ ذلك كله عَلَى يدي، ولم يستثن من ذلك سوى مفتاح بيت صغير بداخل مسكنه كان يخلو فيه بنفسه، الظاهر أنه بيت خزانة أمواله التي كانت تُهْدَى إليه، والله أعلم.

فلازمتُه على ما ذكرتُ من القراءة عليه والخدمة له عشر سنين، ثم أصابه مرض يومًا من الدهر، فتخلَّف عن حضور مجلس أقرانه، وانتظره أهل المجلس وهم يتذاكرون مسائل من العلوم، إلى أن أفضى بهم الكلامُ إلى قول الله عزَّ وجل على لسان نبيه عيسى عليه السلام في الإنجيل: (إنه يأتي من بعده نبي اسمه "البارقليط" (٥))، فبحثوا في تعيين هذا النبي مَن هو مِن الأنبياء؟، وقال كل واحد منهم بحسب علمه وفهمه، فعظم بينهم في ذلك مقالُهم، وكثر جدالهم، ثم انصرفوا من غير تحصيل


(٥) وردت هذه الكلمة في الأناجيل مرة بلفظ (المعزي) ومرة بلفظ آخر هو (بارقليط)، و"بارقليط" تعريب لكلمة (بريكلتوس) وقد حصل نقاش بين الأستاذ "عبد الوهاب النجار" ود. "كارلو نلينو" حول هذه الكلمة، فقال: ( ... ثم قلت له -وأنا أعلم أنه حاصل على شهادة الدكتوراة في آداب اللغة اليونانية القديمة- "ما معنى (بريكلمَوس)؟ " فأجابني بقَوله: "إن القسس يقولون: إن هذه الكلمة معناها: (المعزي)،" فقلت: "إني أسأل الدكتور (كارلو نلينو) الحاصل على الدكتوارة في آداب اللغة اليونانية القديمة، ولست أسأل قسيسًا،" فقال: إن معناها: (الذي له حمد كثير)، فقلت: هل ذلك يوافق افعل التفضيل من حمد؟ فقال: نعم، فقلت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أسمائه "أحمد"، فقال: يا أخي أنت تحفظ كثيرًا .... ) .. انظر: "قصص الأنبياء" عبد الوهاب النجار، ص (٣٩٧ - ٣٩٨).

<<  <   >  >>