للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعجب من ذلك، وقال: "لعمري: إن العلم ليرفع وينفع دينًا ودنيا"، وترحَّم على أبي حنيفة، وقال: "كان ينظر بعين عقله ما لا يَراه بعين رأسه").

* وقال صاحب "أنباء نجباء الأبناء":

(بلغني أن أبا سليمان داود بن نصير الطائي رحمه الله لما بلغ من العمر خمس سنين أسلمه أبوه إلى المؤدب، فابتدأه بتلقين القرآن، وكان لَقِنًا فلما تعلَّمَ سورة {هل أتى على الِإنسان حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا} وحفظها؛ رأته أمه يوم جمعة مقبلًا على حائط، وهو يفكر ويشر بيده، فخافت عليه، وقالت له: "قم يا داود فاخرج والعب مع الصبيان"، فلم يجبها، فضمته إلى صدرها، ودعت بالويل، فقال: "ما لك يا أمَّاه؟ " فقالت: "أبِكَ بَأسٌ؟ " قال: "لا"، قالت: "أين ذهنك؟ كلمتُك فلم تسمع"، قال: "مع عباد الله"، قالت: "فأين هم؟ "، قال: "في الجنة" قالت: "ما يصنعون؟ "، قال: {متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسًا ولا زمهريرًا * ودانية عليهم ظلالها، وذُلِّلَت قطوفها تذليلًا} ومرَّ في السورة، وهو شاخص ببصره كأنه ينظر إليهم حتى بلغ قوله تعالى: {وكان سعيكم مشكورًا}، ثم قال: "يا أماه! ما كان سعيهم؟ "، فلم تَدْرِ ما تجيبُهُ به، فقال: "قومي عني حتى أتنزه عندهم ساعة"، فقامت، وأرسلت إلى والده، فجاء فأخبرته الخير، فقال له: "يا داود كان سعيهم مشكورًا أنهم قالوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله"، فكان داود بعد ذلك لا يَدَع أن يقول: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله").

* وحكى الشيخ ابن ظفر المكي: [أن أبا يزيد طيفور بن عيسى

<<  <   >  >>