للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(لا شيء أقبح بالإنسان من أن يكون غافلاً عن الفضائل الدينية، والعلوم النافعة، والأعمال الصالحة، فمن كان كذلك فهو من الهمج الرَّعاع، الذين يكدرون الماء، ويغلون الأسعار، إن عاش عاش غير حميد، وإن مات مات غير فقيد، فقدهم راحة للبلاد والعباد، ولا تبكي عليهم السماء، ولا تستوحش لهم الغبراء) (١) اهـ.

وقال أيضًا -رحمه الله- في الذين حُرِموا العلم والبصيرة، والهمة والعزيمة: (هم الموصوفون بقوله تعالى: {إن شَرَّ الدُّوَابِّ عند اللهِ الصم البكم الذين لا يعقلون}، وبقوله: {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً}، وبقوله: {إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء} وبقوله: {وما أنت بمُسمعٍ من في القبور}.

وهذا الصنف شر البرية، رؤيتهم قذى العيون، وحُمَّى الأرواح، وسقم القلوب، يضيقون الديار، ويغلون الأسعار، ولا يستفاد من صحبتهم إلا العار والشنار، وعند أنفسهم أنهم يعلمون ولكن ظاهرًا من الحياة الدنيا، وهم عن الآخرة هم غافلون، ويعلمون ولكن ما يضرهم ولا ينفعهم، وينطقون، ولكن عن الهوى ينطقون، ويتكلمون ولكن بالجهل يتكلمون، ويؤمنون ولكن بالجبت والطاغوت، ويعبدون ولكن من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم، ويجادلون ولكن بالباطل ليدحضوا به الحق، ويتفكرون ويبيتون، ولكن ما لا يرضى من القول، ويدعون، ولكن مع الله إلهًا آخر يدعون، ويحكمون ولكن حكم


(١) "مفتاح دار السعادة" (١/ ١٣٤).

<<  <   >  >>