للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسألان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ليستعملهما على الصدقة, فقال أحدهما: يا رسول الله أنت أبر الناس وأوصل الناس، وقد بلغنا النكاح فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات, فنؤدِّي إليك كما يؤدي الناس، ونصيب كما يصيبون، فقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد, إنما هي أوساخ الناس)) .. ثم شفع لهما في النكاح فزوجهما, وأمر بالصداق لهما من الخمس، وفي رواية: ((إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)) (١) والمعنى أن هذه الصدقات تطهير لأموال الناس ونفوسهم، كما قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} فهي كغسالة الأوساخ (٢). ويجوز أن يكون عمال الصدقة من الأغنياء؛ لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تحل الصدقة لغنيٍّ إلا لخمسة: لغازٍ في سبيل الله، أو لعاملٍ عليها، أو لغارمٍ, أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين، فتصدق على المسكين فأهداها المسكينُ للغني)) (٣)؛ ولحديث عبد الله بن السعدي أنه قدم على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في خلافته، فقال له عمر: ألم أحدّث أنك تلي من أعمال الناس أعمالاً, فإذا أعطيت العمالة كرهتها؟ فقلت: بلى، فقال عمر: ما تريد إلا ذلك؟ فقلت: إن لي أفراساً، وأعبداً، وأنا بخير، وأريد أن تكون عمالتي صدقةً على المسلمين، قال عمر: لا تفعل؛ فإني كنت أردتُ الذي أردتَ،


(١) مسلم، كتاب الزكاة، باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة، برقم ١٠٧٢.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم، ٧/ ١٧٩.
(٣) أبو داود، كتاب الزكاة، باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني، برقم: ١٦٣٥، ١٦٣٦، وابن ماجه، كتاب الزكاة، باب من تحل له الصدقة برقم ١٨٤١، وأحمد، ٣٠/ ٩٧، برقم ١١٥٣٨، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ٤٥٥، وصحيح سنن ابن ماجه، ٢/ ١١٦، وإرواء الغليل، برقم ٨٧٠.

<<  <   >  >>