للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها أجادِبُ أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان: لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً فذلك مثل من فَقُهَ في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فَعَلِمَ وعَلَّمَ، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هُدى الله الذي أرسلت به)) (١).

وهذا يدل على أهمية العلم للدعاة إلى الله تعالى، وأنه من أهم المهمات، وأعظم الواجبات؛ ليدعوا الناس على بصيرة.

فيجب أن يكون الداعية على بيّنة في دعوته؛ ولهذا قال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى الله عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ الله وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (٢)، والعلم الصحيح مرتكز على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن كل علم يتلقَّى من غيرهما يجب أن يعرض عليهما، فإن وافق ما فيهما قُبل، وإن كان مخالفاً وجب ردّه على قائله كائناً من كان (٣).

وهذا معنى كلام الشافعي رحمه الله:

كل العلوم سوى القرآن مشغلةٌ ... إلاّ الحديث وعلم الفقه في الدين

العلم ما كان فيه قال حدثنا ... وما سوى ذاك وسواس الشياطين (٤)

ومقصوده - رحمه الله - بوسواس الشياطين العلوم التي تخالف الكتاب والسنة، أو التي ليس فيها نفع للمسلمين.


(١) البخاري، كتاب العلم، باب فضل من علم وعلّم، برقم ٧٩، ومسلم، كتاب الفضائل، باب بيان مثل ما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - من الهدى والعلم، برقم ٢٢٨٣.
(٢) سورة يوسف، الآية: ١٠٨.
(٣) انظر: زاد الداعية إلى الله للعلامة ابن عثيمين، ص٦.
(٤) انظر: ديوان الشافعي، ص١٢٤، والبداية والنهاية لابن كثير، ١٠/ ١٢٤.

<<  <   >  >>