للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: طرق تحصيل الحكمة]

[تمهيد:]

الحكمة هبة وفضل من الله - عز وجل - يهبها لمن يشاء من عباده وأوليائه، والحكمة ليست كسبية تحصل بمجرد كسب العبد دون تعليم الأنبياء له طرق تحصيلها، فالعبد لا يكون حكيماً إلا إذا سلك طرق تحصيل الحكمة، ولا يمكن أن يحصل على الحكمة إلا إذا كانت طرقها مستقاة من الكتاب والسنة، وإذا وُفِّقَ الداعية المسلم لطرق الحكمة فلا يخرجها ذلك عن كونها هبة من الله تعالى، لقوله تعالى: {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (١)، بل الله الذي وفّقه وسدّده، وأعطاه خيراً كثيراً، جليلاً قدره، عظيماً نفعه، ولهذا استنبط بعض المحققين من قوله: {خَيْرًا كَثِيرًا} أن إيتاء الحكمة خير من الدنيا وما فيها كلها؛ لأن الله وصف الدنيا في قوله: {قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ} (٢)، فدلّ فذلك على أن ما يؤتيه الله من حكمته خير من الدنيا وما عليها؛ لأن من أوتيها خرج من ظلمة الجهل إلى نور الهدى، وحمق الانحراف في الأقوال والأفعال إلى إصابة الصواب فيها، وحصول السداد والاعتدال، والبصيرة المستنيرة، وإتقان الأمور وإحكامها، وتنزيلها منازلها، وهذا كله من أفضل العطايا وأجلّ الهبات (٣).


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٦٩.
(٢) سورة النساء، الآية: ٧٧.
(٣) انظر: صفوة الآثار والمفاهيم للعلامة عبد الرحمن الدوسري، ٤/ ١٣١، وتيسير الكريم الرحمن،
١/ ٣٣٢، وفي ظلال القرآن، ١/ ٣١٢، ولقمان الحكيم وحكمه، ص٣٠.

<<  <   >  >>