للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: صور من مواقف تطبيق الأ ناة في الدعوة]

لا يكون الداعية ناجحاً في دعوته إلا إذا التزم الأناة في جميع أموره وتصرفاته، ومما يوضح ذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنها:

[الصورة الأولى: مع أسامة:]

عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبَّحنا القوم فهزمناهم، قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، قال: فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، قال: فكف عنه الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فقال لي: ((يا أسامة، أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟)) قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوِّذاً، قال: فقال: ((أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟))، قال، فمازال يُكرّرها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم (١).

وفي رواية: قال: قلت يا رسول الله: إنما قالها خوفاً من السلاح، قال: ((أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا))، فمازال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذٍ (٢).

وفي رواية: ((كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟) قال: يا رسول الله: استغفر لي، قال: ((وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟)). قال فجعل لا يزيده على أن يقول: ((كيف تصنع بلا إله


(١) البخاري، كتاب المغازي، باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة إلى الحرقات، برقم ٤٢٦٩، ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله، برقم ٩٦.
(٢) مسلم، في كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله، برقم ٩٦.

<<  <   >  >>