للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الصورة السادسة: صبر خبيب:]

ومن هذه المواقف العظيمة التي تدل على قوة الإيمان والرغبة فيما عند الله والدار الآخرة، ما فعله الصحابي الجليل: خبيب بن عدي بن عامر - رضي الله عنه - عندما أسرته كفار قريش وعذبته فثبت حتى قُتِلَ شهيداً - رضي الله عنه -.

قالت بعض بنات الحارث بن عامر: والله ما رأيت أسيراً قطُّ خيراً من خبيب والله لقد وجدته يوماً يأكل قِطفاً من عنبٍ في يده وإنه لمُوثَقٌ بالحديد وما بمكة من ثمرة. وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيباً. فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيبٌ: دعوني أصلي ركعتين فتركوه فركع ركعتين فقال والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزعٌ لزدت. ثم قال: اللهم أحصهم عدداً, واقتلهم بَدَداً، ولا تبق منهم أحداً، ثم أنشأ يقول:

فلستُ أُبالي حين أقتلُ مسلماً ... على أيِّ جنب كان لله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يُبارك على أوصالِ شِلوٍّ ممزّعِ

ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله، وكان خبيب هو الذي سن لكلِّ مسلم قُتِلَ صبراً الصلاة (١).

[الصورة السابعة: صبر سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -:]

وهذا سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - تَعْرض أمه عليه أن يكفر بدين محمد - صلى الله عليه وسلم -، وحلفت أن لا تكلمه، ولا تأكل ولا تشرب حتى تموت فيعيّر بها، فيقال: يا قاتل أمه! وقالت له: زعمت أن الله وصاك بوالديك، وأنا أمك، وأنا


(١) البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد، باب هل يستأسر الرجل ومن لم يستأسر، ومن ركع ركعتين عند القتل، ٦/ ١٦٦، برقم ٣٠٤٥، وكتاب المغازي، باب حدثني عبد الله بن محمد الجعفي،
٧/ ٣٠٨، برقم ٣٩٨٩، ٧/ ٣٧٨، ١٣/ ٣٨١، وانظر: سير أعلام النبلاء، ١/ ٢٤٦.

<<  <   >  >>