في طاعة الله، وشر الدنيا والآخرة بحذافيره في معصيته.
ثامناً: قصر الأمل، وعلمه بسرعة انتقاله، وأنه كمسافر دخل قرية وهو عازم على الخروج منها، أو كراكب قال في ظل شجرة ثم سار وتركها، فهو لعلمه بقلة مقامه وسرعة انتقاله حريص على ترك ما يثقله حمله ويضرّه ولا ينفعه، حريص على الانتقال بخير ما بحضرته، فليس للعبد أنفع من قصر الأمل، ولا أضرّ من التسويف وطول الأمل.
تاسعاً: مجانبة الفضول في مطعمه ومشربه وملبسه ومنامه واجتماعه بالناس؛ فإن قوة الداعي إلى المعاصي إنما تنشأ من هذه الفضلات، فإنها تطلب لها مصرفاً فيضيق عليها المباح فتتعدّاه إلى الحرام، وأعظم الأشياء ضرراً على العبد بطالته وفراغه؛ فإن النفس لا تقعد فارغة، بل إن لم يشغلها بما ينفعه شغلته بما يضره ولابد.
عاشراً: ثبات شجرة الإيمان في القلب، وهو الجامع لهذه الأسباب كلها: فصبر العبد عن المعاصي إنما هو بحسب قوة إيمانه، فكلما كان إيمانه أقوى كان صبره أتمّ، وإذا ضعف الإيمان ضعف الصبر. والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
[المطلب الثالث: طرق تحصيل الصبر على الطاعات]
والصبر على الطاعة ينشأ من معرفة أسباب الصبر عن المعاصي السابقة، ومن معرفة ما تجلبه الطاعة من العواقب الحميدة والآثار الجميلة، ومن أقوى أسبابها الإيمان والمحبة، فكلما قوي داعي الإيمان والمحبة لله تعالى، ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - في القلب كانت استجابته للطاعة بحسبه.