للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الدنيا وما فيها، والتفريط بها هو سبب خسران الدنيا والآخرة (١).

ويختم الله - عز وجل - الأوامر والنواهي في الوصايا كما بدأها بربطها بالله وعقيدة التوحيد والتحذير من الشرك، وبيان أن هذه المذكورات بعض الحكمة التي يهدي إليها القرآن الذي أوحاه الله إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا} (٢)، وهو ختام يشبه الابتداء، فتجيء محبوكة الطرفين، موصولة بالقاعدة الكبرى التي يقيم عليه الإسلام الحياة، قاعدة: توحيد الله وعبادته وحده دون ما سواه (٣).

وبهذا يُعلم أن من عمل بهذه القواعد، والتزم هذا السلوك الحكيم قد سلك أعظم طرق اكتساب الحكمة؛ لأن الحكمة معرفة الحق والصواب والعمل به؛ ولهذا قال تعالى بعد أن ذكر الوصايا العشر في سورة الأنعام: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٤).

[المسلك الثالث: وصايا الحكماء باكتساب الحكمة:]

الحكماء الذين آتاهم الله الحكمة يوصون باكتساب أصول الحِكَم التي من التزمها وعمل بها بإخلاصٍ وصدقٍ وفَّقه الله لاكتساب الحكمة، ومن ذلك ما أخبر الله به عن لقمان الحكيم ووصاياه الحكيمة التي آتاه


(١) انظر: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، ٢/ ٥٩٩.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٣٩.
(٣) انظر: في ظلال القرآن لسيد قطب، ٤/ ٢٢٨.
(٤) الوصايا العشر في سورة الأنعام، الآيات: ١٥١ - ١٥٣.

<<  <   >  >>