الحكمة من خلال مجيئها يحملها جبريل وهو روح القدس، في طست من ذهب، وهو أغلى المعادن، في مكة المكرمة، وهي البقعة المباركة؛ ليمتلئ بها صدر محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو خير الخلق، بعد غسله بماء زمزم وهو أطهر الماء وأفضله.
كل هذا يؤكد أن الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى أمرها عظيم، وشأنها كبير، وقد قال تعالى:{وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}(١).
ثم سار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على طريقه وهديه في الدعوة إلى الله بالحكمة، فانتشر الإسلام في عهدهم - رضي الله عنهم - انتشاراً عظيماً، ودخل في الإسلام خلق لا يحصي عددهم إلا الله تعالى، وجاء التابعون، وكمّلوا السير على هذا الطريق في الدعوة إلى الله بالحكمة، وهكذا سارت القرون الثلاثة المفضلة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان، فأظهر الله الإسلام وأهله، وأذَلَّ الشرك وأهله وأعوانه.
٣ - ومن الناس من يظن أو يعتقد أن الحكمة تقتصر على الكلام اللين، والرفق، والعفو، والحلم .. فحسب، وهذا نقص وقصور ظاهر لمفهوم الحكمة؛ فإن الحكمة قد تكون:
- باستخدام الرفق واللين، والحلم والعفو، مع بيان الحق علماً وعملاً واعتقاداً بالأدلة، وهذه المرتبة تستخدم لجميع الأذكياء من البشر الذين يقبلون الحق ولا يعاندون.