للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صيانة وحماية عن الدَّنايا والرذائل، كما يحمي الوالد الشفيق ولده عما يضره. وهذا السبب يحمل العاقل على تركها ولو لم يعلق عليها وعيد العذاب.

ثانياً: الحياء من الله سبحانه؛ فإن العبد متى علم بنظر الله إليه، ومقامه عليه، وأنه بمرأى منه ومسمع، وكان حييّاً استحيى من ربه أن يتعرض لمساخطه.

ثالثاً: مراعاة نعمه عليك وإحسانه إليك؛ فإن الذنوب تزيل النعم ولابدَّ، فما أذنب عبدٌ ذنباً إلا زالت عنه نعمة من الله بحسب ذلك الذنب، فإن تاب ورجع رجعت إليه أو مثلها، وإن أصرّ لم ترجع إليه، ولا تزال الذنوب تزيل عنه نعمة نعمة حتى تسلب النعم كلها، كما قال تعالى: {إِنَّ الله لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (١)، وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ الله لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (٢).

وأعظم النعم الإيمان، وذنب الزنا والسرقة وشرب الخمر وانتهاب النهبه يزيل النعم ويسلبها.

قال بعض السلف: أذنبتُ ذنباً فحُرِمتُ من قيام الليل سنة.

وقال آخر: أذنبتُ ذنباً فحُرِمتُ فهم القرآن. وفي مثل هذا قيل:

إذا كنتَ في نعمة فارْعَهَا ... فإنّ المعاصي تُزيل النعم

وبالجملة فإن المعاصي نار النعم تأكلها كما تأكل النار الحطب، عياذاً


(١) سورة الرعد، الآية: ١١.
(٢) سورة الأنفال، الآية: ٥٣.

<<  <   >  >>