للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطعام والماء نحو ثلاث سنين حتى بلغهم الجهد، وسُمِعَ أصوات صبيانهم بالبكاء من وراء الشعب، ثم أطلع الله رسوله على أمر الصحيفة، وأنه أرسل عليها الأرضة فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم إلا ذكر الله - عز وجل -، فأخبر بذلك عمه، فخرج إلى قريش فأخبرهم أن محمداً قد قال كذا وكذا، فإن كان كاذباً خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقاً رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا، قالوا: قد أنصفت، فأنزلوا الصحيفة، فلما رأوا الأمر كما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ازدادوا كفراً إلى كفرهم، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من الشعب بعد عشرة أعوام من البعثة، ومات أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر، وماتت خديجة بعده بثلاثة أيام، وقيل غير ذلك (١).

ولما نُقِضَت الصحيفة وافق موت أبي طالب موت خديجة وبينهما زمن يسير، فاشتد البلاء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سفهاء قومه، وتجرؤوا عليه فكاشفوه بالأذى، فازدادوا غمّاً على غمٍّ حتى يئس منهم، وخرج إلى الطائف رجاء أن يستجيبوا لدعوته أو يؤووه أو ينصروه على قومه، فلم ير من يؤوي، ولم ير ناصراً، وآذوه مع ذلك أشد الأذى، ونالوا منه ما لم ينله قومه (٢).

[الصورة التاسعة: مع أهل الطائف:]

في شوال، من السنة العاشرة بعد النبوة، خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف لعله


(١) انظر: زاد المعاد، ٣/ ٣٠، وسيرة ابن هشام، ١/ ٣٧١، البداية والنهاية، ٣/ ٦٤، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، ٢/ ١٠٩، ١٢٧، ١٢٨، وتاريخ الإسلام للذهبي، قسم السيرة، ص١٢٦، ١٣٧، والرحيق المختوم، ص١١٢.
(٢) انظر: زاد المعاد، ٣/ ٣١، والرحيق المختوم، ص١١٣.

<<  <   >  >>