للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجد في ثقيف حسن الإصغاء لدعوته والانتصار لها، وكان معه زيد بن حارثة مولاه، وكان في طريقه كلما مرَّ على قبيلة دعاهم إلى الإسلام، فلم تُجِبْه واحدة منها.

عندما وصل إلى الطائف عمد إلى رؤسائها فجلس إليهم، ودعاهم إلى الإسلام، فردوا عليه رداً قبيحاً، وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أهل الطائف عشرة أيام، لا يدع أحداً من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فقالوا: اخرج من بلادنا، وأغروا به سفهاءهم وصبيانهم، فلما أراد الخروج تبعه هؤلاء السفهاء واجتمعوا عليه صَفَّين يرمونه بالحجارة، وبكلمات من السَّفه، ورجموا عراقيبه حتى اختضب نعلاه بالدماء، وكان زيد بن حارثة - رضي الله عنه - يقيه بنفسه حتى أصابه شجاج في رأسه، ورجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطائف إلى مكة محزوناً، كسير القلب، وفي طريقه إلى مكة أرسل الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال يستأمره أن يطبق الأخشبَيْن على أهل مكة، وهما جبلاها اللذان هي بينهما (١).

عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ فقال: ((لقد لقيت من قومك [ما لقيت]، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل

بن عبد كلال (٢)، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على


(١) انظر: زاد المعاد، ٣/ ٣١، والرحيق المختوم، ص١٢٢، وهذا الحبيب يا محبّ، ص١٣٢، والبداية والنهاية، ٣/ ١٣٥.
(٢) ابن عبد ياليل بن كلال من أكابر أهل الطائف من ثقيف. الفتح، ٦/ ٣١٥.

<<  <   >  >>