للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي لا ينقص خزائنه الإنفاق، ولا يغيض ما في يمينه سعة عطائه، فهو سبحانه لا يضع بره وفضله إلا في موضعه ووقته بقدر ما تقتضيه حكمته، فما أعطى إلا بحكمته ولا منع إلا بحكمته، ولا أضل إلا بحكمته.

الدرجة الثالثة: البصيرة، وهي قوة الإدراك والفطنة والخبرة (١).

والبصيرة أعلى درجات العلم التي تكون نسبة العلوم فيها إلى القلب كنسبة المرئيّ إلى البصر، وهذه الخصيصة التي اختصّ بها الصحابة عن سائر الأمة ثم المخلصين من أتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي أعلى درجات العلماء (٢)، قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى الله عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ الله وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (٣)، فقد أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أن يخبر الناس أن هذه طريقته ومسلكه وسنته، وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يدعو إلى الله على بصيرة من ذلك، ويقين وبرهان، وعلم، وكل من اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، على بصيرة ويقين، وبرهان عقلي وشرعي (٤).

[والبصيرة في الدعوة إلى الله في ثلاثة أمور]

الأمر الأول: أن يكون الداعية على بصيرة فيما يدعو إليه بأن يكون عالماً بالحكم الشرعي فيما يدعو إليه؛ لأنه قد يدعو إلى شيء يظنه واجباً


(١) المعجم الوسيط، مادة: بصر، ١/ ٥٩.
(٢) انظر: مدارج السالكين، ٢/ ٤٨٢.
(٣) سورة يوسف، الآية: ١٠٨.
(٤) انظر: تفسير ابن كثير، ٢/ ٤٩٦، وتفسير السعدي، ٤/ ٦٣.

<<  <   >  >>