للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

برامجهم، ثم يتعرف إلى البيئة التي يعيشون فيها، والثقافة التي حصلوا عليها، والاتجاه الذي يندفعون نحوه؛ ليعرف كيف يخاطبهم بما لا تنفر منه نفوسهم، وكيف يسلك في إصلاحهم بما لا يدعوهم إلى محاربته عن كُرْهِ نفسٍ واندفاع عاطفي، فيحرم نفسه من الدعوة إلى الله، ويحرم الناس من علمه (١)، وهذا يؤهِّله إلى أن يُحدِّثَ الناس بما يعرفون، ولا يحدِّثهم حديثاً لا تبلغه عقولهم، قال علي - رضي الله عنه -: ((حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يُكذَّبَ الله ورسوله)) (٢).

وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: ((ما أنت بِمُحدِّثٍ قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنةً)) (٣).

وهكذا ينبغي أن يكوِّن الداعية من تجاربه في الحياة، ومعرفته بشؤون الناس ما يُمكِّنه من اكتساب الحكمة، وتحقيق قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٤).

[المطلب الخامس: السياسة الحكيمة]

إذا سلك الداعية إلى الله مسلك السياسة الحكيمة في دعوته إلى الله تعالى، فسيكون لذلك عظيم الأثر في نجاح دعوته واكتسابه الحكمة، والوصول إلى الغاية المطلوبة بإذن الله تعالى.


(١) انظر: السيرة النبوية دروس وعبر، للدكتور مصطفى السباعي، ص٤١، والرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة، لعبد الرحمن السعدي، ص٨٨.
(٢) البخاري، كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا، برقم ١٢٧.
(٣) مسلم، في المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع، برقم ١٤.
(٤) سورة النحل، الآية: ١٢٥.

<<  <   >  >>