للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أن الكرب كلما اشتدّ وجد اليأس من كشفه من جهة المخلوق، وازداد التعلق بالخالق حتى يصل العبد إلى محض التوكل الذي هو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج، كما قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ} (١).

٣ - أن الكرب كلما اشتدّ فإن العبد حينئذ يحتاج إلى زيادة مجاهدة الشيطان لأنه يأتيه فيقنِّطه، ويسخِّطه، فيحتاج العبد إلى مجاهدته ودفعه، فيحوز ثواب مجاهدة عدوّه ودفعه.

ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي فَيَدع الدعاء)) (٢).

واعلم أخا الإيمان أن المؤمن كلما استبطأ الفرج واستيأس منه ولاسيما بعد كثرة الدعاء وإلحاح التضرع ولم تظهر له إجابة رجع إلى نفسه يلومها، قائلاً: إنما أُتيتُ من قِبَلِكِ.

وهذا اللّوم أحبّ إلى الله من أكثر الطاعات لأنه يورث انكسار العبد الصالح لربِّه، فلذلك يسرع إليه الفرج ويتواثب إليه اليسر؛ لأن الله يجبر

المنكسرة قلوبهم لأجله، وعلى قدر الكسر يكون الجبر.

قال تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ


(١) سورة الطلاق، الآية: ٣.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الدعوات، باب يستجاب للعبد ما لم يعجل، برقم ٦٣٤٠، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل، فيقول: دعوت فلم يستجب لي، برقم ٢٧٣٥.

<<  <   >  >>