للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوصلت إليه ما ينتفع به، وهذا إيصال المنافع بأنواعها إلى الخلق، ويدخل في ذلك حتى الإحسان إلى الحيوانات (١).

ومن قواعد السلوك الحكيم التي تشتمل على عدة من أمّهات الحكم العالية (٢) قوله تعالى: {لاَّ تَجْعَل مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً * وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} ... الآيات، إلى قوله تعالى: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ} (٣).

فبيّن الله - عز وجل - في هذه الوصايا الحكيمة قواعد السلوك الحكيم، وبدأه بقاعدة التوحيد؛ ليقيم على هذه القاعدة البناء الاجتماعي كله، وآداب العمل والسلوك فيه، كما تربط بهذه العروة الوثقى جميع الروابط؛ فإن جميع ما في الحياة لا يقوم بناؤه إلا بالتوحيد، وكل سلوك لا يقوم ولا يستند إلى توحيد الله لا تقوم له قائمة، ولا يطلق عليه سلوكاً حكيماً، بل سلوكاً جاهليًّا (٤).

وهذه الوصايا في سورة الإسراء من أعظم ما تكتسب به الحكمة، قال الإمام الشوكاني: ((وترتقي إلى خمسة وعشرين تكليفاً)) (٥).

فاشتملت هذه الوصايا على خمس وعشرين حكمة، الأخذ بها خير


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ١٠/ ١٦٧.
(٢) انظر: تفسير السعدي،٤/ ٢٧٩،وتفسير النسفي،٤/ ١٣٠،والرياض الناضرة للسعدي، ص٨٧.
(٣) سورة الإسراء، الآيات: ٢٢ - ٣٩.
(٤) انظر: في ظلال القرآن، ٤/ ٢٢٠٩، ٢٢٢٠.
(٥) انظر: فتح القدير للشوكاني، ٣/ ٢٢٩.

<<  <   >  >>