الأمر الذي لا إثم في تركه ولا ضرر اتقاءً للفتنة، وهذا يبيّن للداعية أن المصالح إذا تعارضت أو تعارضت مصلحة ومفسدة وتعذّر الجمع بين فعل المصلحة وترك المفسدة بُدِئَ بالأهم، فإنّ دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، ودفع أعظم المفسدتين أو الضررين باحتمال أيسرهما، وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما.
الطريق الخامس: فقه ركائز الدعوة وأركانها؛ فإن الداعية لا يكون حكيماً حتى يعرف موضوع الدعوة الذي يدعو إليه، ومن هو الداعي، وما هي الصفات والآداب التي ينبغي أن تتوافر في الداعية؟ ومن هو المدعو، وما هي الوسائل والأساليب التي تستخدم في نشر الدعوة وتبليغها؟
والداعية الحكيم هو الذي ينزل الناس منازلهم، ومراتبهم، فيدرس الواقع لأحوال الناس ومعتقداتهم، ونفسياتهم، ويعرف مراكز الضلال ومواطن الانحراف معرفة جيدة، ثم يدعوهم على حسب أحوالهم وما يحتاجون إليه، فالداعية الحكيم كالطبيب الذي يُشخِّص المرض، ويعرف الداء ويحدّده، ثم يعطي العلاج والدواء المناسب على حسب حال المريض ومرضه، مراعياً في ذلك قوة المريض، وضعفه وتحمّله للعلاج، وقد يحتاج المريض إلى عملية جراحية فيشقّ بطنه، أو يقطع شيئاً من أعضائه؛ من أجل استئصال المرض طلباً لصحة المريض، وهكذا الداعية الحكيم يعرف أمراض المجتمع، ويحدّد المرض تحديداً دقيقاً، وينظر ما هي الشبه والعوائق فيزيلها، ثم يقدم العلاج المناسب بدءاً بأمور العقيدة الإسلامية الصحيحة مع تشويق المدعوّ إلى القبول والإجابة.
٥ - إن الحلم هو ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب، وهو من