للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} (١). وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٢)، وقال تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (٣).

وعن سفيان بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك؟ قال: ((قل: آمنت بالله، ثم استقم)) (٤).

والمطلوب من العبد المسلم وخاصة الدعاة إلى الله: الاستقامة، وهي السداد؛ فإن لم يقدر فالمقاربة، فإن نزل عن المقاربة فلم يبق إلا التفريط والضياع.

فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((سدِّدوا وقارِبوا، واعلموا أنه لن ينجوَ أحدٌ منكم بعمله) قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا، إلاّ أن يتغمدنيَ الله برحمةٍ منه وفضلٍ)) (٥).

فجمع هذا الحديث مقامات الدين كلها، فأمر بالاستقامة، وهي: السداد والإصابة في النيات، والأقوال، والأعمال، وعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم

لا يطيقون الاستقامة، فنقلهم إلى المقاربة، وهي أن يقرب الإنسان من الاستقامة بحسب طاقته، كالذي يرمي إلى الهدف، فإن لم يصبه يقاربه،


(١) سورة فصلت، الآية: ٣٠.
(٢) سورة الأحقاف، الآيتان: ١٣ - ١٤.
(٣) سورة هود، الآية: ١١٣.
(٤) مسلم، في كتاب الإيمان، باب جامع أوصاف الإسلام، برقم ٣٨.
(٥) مسلم، في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب لن يدخل الجنة أحد بعمله بل برحمة الله، برقم ٢٨١٦.

<<  <   >  >>