إنما يصح إذا كان الوجوب عليه بحسب نفس الأمر متوقفا على العلم بالوجوب المستفاد من العلم بثبوت الشرع، ولكن لا يتوقف. كذلك العلم بالوجوب موقوف على نفس الوجوب؛ لأن العلم بثبوت شيء فرع لثبوته في نفسه؛ فإنه إذا لم يثبت في نفسه كان اعتقاد ثبوته جهلا مركبا لا علما.
فلو توقف الوجوب على العلم بالوجوب لزم الدور وأن لا يجب شيء
على الكافر أيضا. فليس الوجوب في نفس الأمر موقوفا على العلم بالوجوب. بل نقول: الوجوب في نفس الأمر يتوقف على ثبوت الشرع في نفس الأمر، والشرع ثابت في نفس الأمر، علم المكلف ثبوته ونظر فيه أم لا، وكذلك الوجوب.
ولا يلزم من هذا تكليف الغافل؛ لأن الغافل إنما هو من لم يتصور التكليف لا من لم يصدق به.
فإن قال المكلف: لا أعرف الوجوب في نفس الأمر، وما لم أعرفه لم أنظر، قلنا: ماذا تريد بالوجوب؟ فإن قال: أريد به ما يكون ترك ما اتصف به إثما، وفعله ثوابا.
قلنا له: فقد أثبت الشرع حيث قلت بالثواب والإثم، فبطل قولك لا أعرف الوجوب، بقولك!! فاندفع الإفحام.
وإن قال: أردت به ما يكون ترك ما اتصف به قبيحا لا تستحسنه العقلاء