قال: وإنما نهى - صلى الله عليه وسلم - عن الرعي قبل طلوع الشمس لأن العشب قد ينزل عليه في الليل ندىً مؤذٍ للماشية، فيَعْلوه وَخَمٌ، فإذا طلعت الشمس قوي وحمي واعتدل وطاب وصَحَّ وذهب وَخَمُه وطاب للماشية، وصح في أبدانها.
قال: وفيه فضيلة أخرى من جهة الماشية، فإنها إذا سامت: أي: رعت ليلاً، يكون غذاؤها الأول بعدُ لم يكمل هضمه، ولم يتكامل خروج ثفله، ولم تقو الحرارة الغريزية، فإذا طلعت الشمس كَمُلَ الهضم وخرجت الفضول وتحللت من سطح الجسد بحرارة الجو, وانبعثت الحرارة في الأبدان وقويت، فحينئذ تكون أقبل للغذاء، وأصح لها وأنشط.
قال: ويمكن أن يكون السوم المنهي عنه، سوم البيع والاشتراء.
قال: وإنما نهى عنه ذلك الوقت، خشية الغرر، فإنه لا يتبين فيه جودة السلع والنقود من رداءتهما على التحقيق، كما يتبين في ضحى النهار.
والمقصود التنبيه على ما وقع للمصنف في ذكر السوم قبل طلوع الشمس، وأن اللفظة بالسين على كلا التفسيرين المذكورين، لا بالنون.
وأنها لا تنضَمُّ في سلك نوم الصبحة أصلاً، بل تنافي ترجمة الباب، وهي وأشباها ظاهرة غير ملتبسة، فخفاء مثلها على المصنف رحمه الله مع تبحره عجيب جداً.