ج- وجه ذلك أن المعطل هو من ينفي الصفات الإلهية أو بعضها وينكر قيامها بذات الله فهو بالحقيقة مقصر جافي، وأما المشبه فهو من يشبهها أو بعضها بصفات المخلوقين، فهو بالحقيقة متجاوز للحد مغالي، وأما أهل السنة والجماعة فيثبتون الصفات إثباتاً بلا تمثيل وينزهون الله عن مشابهة المخلوقين تنزيهاً بلا تعطيل فهم جمعوا بين التنزيه والإثبات.
[توسط أهل السنة في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية]
س١٥٤- كيف كان أهل السنة وسطاً في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية ومن هم الجبرية ولم سموا بذلك ومن زعيم القدرية وما مذهبهم؟
ج- الجبرية هم أتباع الجهم بن صفوان الترمذي وسموا جبرية لأن مذهبهم أن العبد مجبور على فعله وحركاته، وأفعاله اضطرارية، فالجبرية يزعمون أن العباد لا يفعلون شيئاً البتة، وأن الفاعل عندهم هو الله حقيقة وإضافة أفعال العباد إليهم عند الجبرية مجاز، ومذهبهم باطل وأما القدرية فهم أتباع معبد الجهني لأنه أول من تكلم بالقدر وحقيقة مذهبهم أنهم يقولون أن أفعال العباد وطاعاتهم ومعاصيهم لم تدخل تحت قضاء الله وقدره فأثبتوا قدرة الله على أعيان المخلوقين وأوصافهم، وقد نفوا قدرته على أفعال المكلفين وقالوا إن الله لم يردها ولم يشأها منهم وهم الذين أرادوها وشاءوها وفعلوها استقلالاً وأنكروا أن يضل من يشاء ويهدي من يشاء، فأثبتوا خالقاً مع الله، ولهذا سموا مجوس هذه الأمة، وهم الذين ورد فيهم الحديث أنهم مجوس هذه الأمة،