للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأوكت «١» به الجراب، فلذلك كانت تسمى ذات النطاق، ولحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل يقال له: ثور، فمكثا فيه ثلاث ليال.

قال أبو حاتم: لما أمر الله جل وعلا رسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة استأجر «٢» رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني الديل وهو من بني عدي هاديا خريتا- والخريت: الماهر بالهداية- قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي وهو على دين كفار قريش، فأمناه ودفعا «٣» إليه راحلتيهما وأوعداه بغار ثور بعد ثلاث، وخرج صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حتى أتيا الغار في جبل «٤» ثور كمنا فيه، وخرج المشركون يطلبونهما حتى جاءوا إلى الجبل وأشرفوا على الغار، فقال أبو بكر: يا رسول الله! لو أبصر أحدهم تحت قدمه «٥» لأبصرنا «٦» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما» ، فأعمى الله «٧» أعينهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أيسوا رجعوا، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الغار ثلاث ليال؛ يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر الصديق وهو غلام شاب


(١) من الطبقات لابن سعد ج ١/ ق ١ ص: ١٥٥، وفي ف «فأوكبت» خطأ.
(٢) هكذا في ف، وفي الطبري «استأجرا عبد الله بن أرقد» وفي الطبقات «يقال له: عبد الله بن أريقط» .
(٣) من الطبري، وفي ف «دفعنا» خطأ.
(٤) زيد في ف «أبي» وفي معجم البلدان «وأما اسم الجبل الذي بمكة وفيه الغار فهو ثور غير مضاف إلى شيء» .
(٥- ٥) كذا في ف، وفي السيرة ٢/ ٤ «وفي الصحيح عن أنس قال: قال أبو بكر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهما في الغار: لو أن أحدهم نظر إلى قدمه» .
(٦) في الطبري «لرآنا» وزيد بعده في ف «تحت قدمه» مكررا.
(٧) هكذا في ف، وفي السيرة ٢/ ٤ «وروى أيضا أنهم لما عمى عليهم الأثر جاءوا بالقافة فجعلوا يقوفون الأثر حتى انتهوا إلى باب الغار وقد أنبت الله عليه ما ذكرنا في الحديث قبل هذا، فعندما رأى أبو بكر رضي الله عنه الفاقة اشتد حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن قتلت فإنما أنا رجل واحد، وإن قتلت أنت هلكت الأمة، فعندها قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحزن إن الله معنا» ألا ترى كيف قال: لا تحزن! ولم يقل: لا تخف، لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه، ولأنه أيضا رأى ما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم من النصب وكونه في ضيقة الغار مع فرقة الأهل ووحشة الغربة، وكان أرق الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشفقهم عليه فحزن لذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>