للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «١» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الحرم وهو مضطرب في الحل «١» - قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس! انحروا واحلقوا» ، فما قام رجل من المسلمين، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة فقال: «يا أم سلمة! ما شأن الناس؟» قال له: يا رسول الله! قد أحل بهم ما رأيت كأنهم كرهوا الصلح، فاعمد «٢» إلى هديك حيث كان وانحر واحلق، فإنك لو فعلت ذلك فعلوا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكلم «٣» أحدا حتى أتى هديه فنحرها ثم جلس فحلق، فقام الناس ينحرون ويحلقون، فحلق رجال منهم وقصر آخرون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«يرحم الله المحلقين» ! قالوا: يا رسول الله! والمقصرين؟ قال: «والمقصرين» ! قالوا «٤» : ما بال المحلقين «٥» يا رسول الله ذكرت لهم الترحم؟ قال: «لأنهم لم يشكوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعة على الناس تحت الشجرة هناك أن لا يفروا» ، فبايعه الناس كلهم غير الجد «٦» بن قيس، اختبأ تحت إبط بعيره، فذلك قول الله عز


بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا، قال: صدقت، قال: فجعل ينتره بلببه ويجره ليرده إلى قريش، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته: يا معشر المسلمين! أرد إلى المشركين! يفتنوني في ديني، فزاد الناس ذلك شرا إلى ما بهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا جندل! احتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم عقدا وصلحا وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهدا، وإنا لا نغدر بهم» ، قال: فوثب عمر بن الخطاب مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول: اصبر يا أبا جندل، فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب، قال: ويدني قائم السيف منه، قال يقول عمر: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، قال: فضن الرجل بأبيه. فلما فرغ من الكتاب أشهد على الصلح رجالا من المسلمين ورجالا من المشركين» .
(١- ١) ليست في الطبري ولا في المغازي، وأما «كان يصلي في الحرم» فمعناه: كان يصلي في الإحرام، كما في حديث آخر «أطيبه صلى الله عليه وسلم لحله وحرمه» راجع مجمع بحار الأنوار.
(٢) وقع في الأصل «فاعمر (وبعلامة النسخة: فاغد) إلى هذيل حيث كان وانحر» كذا مصحفا، وفي المغازي ٢/ ٦١٣ «انطق أنت إلى هديك فانحره» .
(٣) وفي الطبري «فلم يكلم أحدا منهم كلمة حتى فعل ذلك» .
(٤) من الطبري، وفي الأصل «قال» كذا.
(٥) وفي الطبري «فلم ظاهرت الترحم للمحلقين دون المقصرين» .
(٦) له ترجمة في الإصابة ١/ ٢٣٨ وفيه «جد بن قيس بن صخر الأنصاري أبو عبد الله ... » .

<<  <  ج: ص:  >  >>