للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتب إليه علي «بسم الله الرحمن الرحيم- من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان «١» - أما بعد فإن أخا خولان قدم علي بكتاب منك يذكر فيه محمدا صلى الله عليه وسلم، وما أنعم الله عليه من الهدى، والحمد لله على ذلك، وأما ما ذكرت من ذكر الخلفاء فلعمري إن مقامهم «٢» في الإسلام كان عظيما، وإن المصاب بهم لجرح عظيم في الإسلام، وأما ما ذكرت من قتلة عثمان فإني قد نظرت في هذا الأمر فلم يسعني دفعهم إليك، وقد كان أبوك أتاني حين ولى الناس أبا بكر فقال لي: يا علي! أنت أحق الناس بهذا الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهات يدك حتى أبايعك، فلم أفعل مخافة الفرقة في الإسلام، فأبوك أعرف بحقي منك، فإن كنت تعرف من حقي ما كان يعرفه»

أبوك فقد قصدت «٤» رشدك، وإن لم تفعل فسيغني الله عنك- والسلام» .

فلما قرأ معاوية الكتاب تهيأ هو ومن معه على المسير إلى علي ثم سار يريد العراق، وسار علي من العراق، وصلى الظهر بين القنطرة والجسر ركعتين، وبعث «٥» على مقدمته شريح بن هانىء وزياد بن النضر بن مالك، أمر أحدهما أن يأخذ على شط دجلة والآخر على شط الفرات، معهما أكثر من عشرة آلاف نفس، واستخلف على الكوفة أبا مسعود الأنصاري «٦» ، ثم أخذ على طريق الفرات وجعل يقول: إذا سمعتموني أقول «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» فهو كما أقول، وإذا لم أقل «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» فإنما الحرب خدعة؛ فالتقى علي وأهل الشام بصفين لسبع بقين من المحرم، فقام علي خطيبا في الناس فقال «٧» : الحمد لله الذي لا يبرم ما نقض، وإن


(١) راجع أيضا الأخبار الطوال ١٦٣ والفتوح ٢/ ٤٧٥.
(٢) في الأصل: مقاماتهم.
(٣) من الفتوح، وفي الأصل: يعرف.
(٤) في الفتوح: أصبت.
(٥) راجع الأخبار الطوال ١٦٧.
(٦) راجع الأخبار الطوال ١٦٥.
(٧) راجع أيضا الطبري ٦/ ٧ و ٨ والفتوح ٣/ ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>