للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبرم أمرا لم ينقضه الناقضون، مع أن لله- وله الحمد- لو شاء لم يختلف اثنان من خلقه، ولا تنازعت الأمة في شيء من أمره، ولا جحد المفضول ذا الفضل فضله وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ وقد ساقتنا [و] «١» هؤلاء المقادير حتى جمعت بيننا في هذا المكان، فنحن من ربنا بمنظر ومستمع، ولو شاء الله لجعل الانتقام، وكان منه التغيير «٢» حتى يتبين أهل الباطل ويعلم أهل الحق أين مصيره، ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال، وجعل الآخرة هي دار القرار لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا- الآية، ألا! إنكم تلقون عدوكم غدا فأطيلوا «٣» الليلة القيام، وأكثروا فيها تلاوة القرآن، وسلوه النصر، وعليكم بالجد والحزم وكونوا صادقين.

ثم قعد فوثب الناس إلى سيوفهم يهيؤونها «٤» ، وإلى رماحهم يثقفونها، وإلى نبالهم «٥» يريشونها، ثم «٦» جعل [على] «٧» مقدمته شريح بن هانىء الحارثي والأشتر، وعلى الميمنة الأشعث بن قيس، وعلى الميسرة عبد الله بن عباس، وعلى الرجالة عبد الله بن بديل بن ورقاء، وعلى الساقة زياد بن النضر، وعلى ميمنة الرجالة سليمان بن صرد الخزاعي.

ثم قام «٨» معاوية خطيبا في أهل الشام واجتمع الناس فقال: الحمد لله الذي دنا في علوه وعلا في دنوه، وظهر وبطن فارتفع فوق كل منظر أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، يقضي فيفصل، ويقدر فيغفر، ويفعل ما يشاء، وإذا أراد أمرا أمضاه، وإذا عزم على أمر قضاه، لا يؤامر أحدا فيما يملك ولا يسئل عما يفعل وهم


(١) زيد من الطبري.
(٢) من الطبري، وفي الأصل: التقيير.
(٣) من الطبري، وفي الأصل: فاطلبوا.
(٤) في الأصل: يهونها، وفي الفتوح ٣/ ٢٨٩: يستحدونها.
(٥) من الطبري، وفي الأصل: نبلهم.
(٦) راجع أيضا الأخبار الطوال ١٧١- ١٧٣ والفتوح ٣/ ٣١ و ٣٢.
(٧) زيد ولا بد منه.
(٨) راجع أيضا الفتوح ٣/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>