ولد في ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة بحارة بهاء الدين علو الدرب المجاور لمدرسة شيخ الإسلام البلقيني منزل أبيه وجده، ثم تحول منه مع أبويه لملك اشتراه أبوه مجاور لسكن شيخه ابن حجر، وحفظ القرآن وهو صغير، وحفظ في العلوم كتبًا كثيرة عرضها على مشايخه فيها، وبرع في الفقه والعربية والقراءات، ومن شيوخه الذين عرض عليهم محفوظه المحب بن نصر الله البغدادي الحنبلي والشمس بن عمار المالكي والنور التلواني والجمال بن عبد الله الزيتوني، وقرأ بعض القرآن على النور البلبيسي إمام الأزهر والزين عبد الغني الهيثمي، وسمع الكثير من الجمع للسبع وللعشر على الزين رضوان العقبي، والبعض من ذلك على الشهاب السكندري وغيره، ولزم الأستاذ البرهان بن خضر أحد أصحاب عمه ووالده حتى أملى عليه عدة كراريس من مقدمة العربية، وقرأ عليه غالب شرح الألفية لابن عقيل، وسمع الكثير من توضيحها لابن هشام، وحضر كثيرًا من علوم العربية والفقه والتفسير والعروض والفرائض والحساب والميقات والأصول والمعاني والبيان والصرف والمنطق وغير ذلك على شيوخ ذكرهم في ترجمته لنفسه في الضوء اللامع، وقبل ذلك كله سمع مع والده ليلًا الكثير من الحديث على الشهاب ابن حجر إمام الأئمة، وأوقع الله محبته في قلبه فلازم مجلسه، وعادت عليه بركته، وداوم الملازمة للشيخ حتى حمل عنه علمًا جمًّا، واختص به كثيرًا بحيث كان من أكثر الآخذين عليه، وأعانه على ذلك قرب منزله منه، فكان لا يفوته مما يقرأ عليه إلا النادر، وعلم الشيخ شدة حرص السخاوي على ذلك، فكان يرسل إليه أحيانًا بعض خدمه يأمره بالمجيء للقراءة وقرأ عليه الإصلاح بتمامه، وسمع عليه جل كتبه كالألفية وشرحها مرارًا، وعلوم الحديث لابن الصلاح إلا اليسير من أوائله، وأكثر تصانيفه في الرجال وغيرها كالتقريب وتعجيل المنفعة واللسان ومشتبه النسبة وتخريج الرافعي وتلخيص مسند الفردوس والمقدمة وبذل الماعون ومناقب كل من الشافعي والليث وأماليه الحلبية والدمشقية وغالب فتح الابري وغير ذلك كثير، وتدرب في الطلبة بالزين رضوان العقبي وأكثر من ملازمته قراءة وسماعًا، ومن ملازمته لصاحبه النجم عمر بن فهد الهاشمي وانتفع بإرشاد كل منهم، وحمل كثيرا عن شيوخ مصر والواردين إليها عددا كثيرا من دواوين الحديث وأجزائه بقراءته وقراءة غيره، في الأوقات التي لا تعارض عمله غالبًا، سيما حين اشتغاله بالقضاء، حتى صار أكثر أهل العصر مسموعًا وأغزرهم رواية، ومن أحسن من أخذ عنهم من عنده الصلاح بن أبي عمرو وابن أصيلة وابن النجم وابن الهبل والشمس بن المحب والفخر بن بشارة وابن الجوخي والمنبجي والزيتاوي والبياني والسوقي والطبقة، ثم من عنده العز بن جماعة والتاج السبكي وأخوه البهاء والجمال الإسنائي والشهاب الأذرعي والكرماني والصلاح الصفدي والقراطي والحراوي، ثم الحسين التكريبي والأميوطي والباجي وأبو البقاء السبكي وكثير جدًّا غيرهم حتى بلغ من أخذ عنهم بمصر والقاهرة وضواحيها كإمبابة والجيزة وعلو الأهرام والجامع العمري وسرياقوس والخانقاه وبلبيس وسفط الحناء ومنية الرديني ما يزيد على أربعمائة شيخ، كل ذلك وشيخه يمده بالأجزاء والكتب والفوائد التي لا تنحصر، وبعد وفاة شيخه ابن حجر سافر إلى دمياط فسمع بها من بعض المسندين، وكتب عن نفر من المتأدبين، ثم توجه إلى البحر لأداء فريضة الحج،