جـ- ومسألة الزبية مشهورة عن على كذلك: روى أن قوما من أهل اليمن حفورا زبية للأسد، فاجتمع الناس على رأسها، وتدافعوا حولها، فهوى واحد، فجذب ثانيا، فجذب الثاني الثالثن ثم جذب الثالث رابعا، فقتلهم الأسد، فرفع ذلك إلى على كرم الله وجه فقال: للأول ربع الدية، لأنه هلك فوقه ثلاثة، وللثاني ثلث الدية، لأنه هلك فوقه اثنان، وللثالث نصف الدية، لأنه هلك فوقه واحد، وللرابع كمال الدية، ثم جعل الدية على عاقلة من ازدحموا على رأس الزبية. فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"هو كما قال". رواه أحمد والبزار والبيهقي من حديث حنش بن المعتمر عن علي.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: "وقد استدل بهذا القضاء الذي قضى به أمير المؤمنين وقرره رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن دية المتجاذبين في البئر تكون على الصفة المذكورة، فيؤخذ من قوم الجماعة الذين ازدحموا على البئر وتدافعوا ذلك المقدار، ثم يقسم على تلك الصفة، فيعطي الأول من المتردين ربع الدية، ويهدر من دمه ثلاثة أرباع لأنه هلك بفعل المتزاحمين وبفعل نفسه، وهو جذبه لمن بجنبه، فكأن موته وقع بمجموع الازدحام ووقوع الثلاثة الأنفار عليه، ونزل الازدحام منزلة سبب واحد من الأسباب التي كان بها موته، ووقوع الثلاثةي عليه منزلة ثلاثة أسباب، فهدر من ديته ثلاثة أرباع، واستحق الثاني ثلث الدية لأنه هلك بمجموع الجذب المتسبب عن الازدحام ووقوع الاثنين عليه، ونزل الازدحام منزلة سبب واحد، ووقوع الاثنين عليه منزلة سببين، فهدر من دمه الثلثان، لأن وقوع الاثنين عليه كان بسببه، واستحق الثالث نصف الدية لأنه هلك بمجموع الجذب ممن تحته المتسبب عن الازدحام، وبوقوع من فوقه عليه، هو واحد، وسقط نصف ديته، ولزم نصفها، والرابع كان هلاكه.