ولكن لا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يقرأ عليه "الحمد لله رب العالمين" فكأنما أنشط "١" من ‘قال، فانطلق يمشي وما به علة، فأوفوهم جعلهم، فقال بعضهم: أقسموا، فقال الذي رقي: لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا، فذكروا ذلك له صلى الله عليه وسلم، فقال: وما يدريك أنها رقية؟ ثم قال: قد أصبتم، اقسموا واضربوا لي معكم سهما، وضحك صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ ابن حجر: في رواية: أنهم أعطوهم ثلاثين شاة، وكان عدد الركب ثلاثين رجلا وقوله:"الحمد لله": أي فاتحة الكتاب. وقوله:"وما يدريك" زاد في رواية، فقلت: يا رسول الله: شيء ألقي في روعي. قال الحافظ: وهو ظاهر من أنه لم يكن عنده علم متقدم بمشروعية الرقي بالفاتحة، أي فيكون قد فعل ذلك اجتهادا منه.
٢- ما كان في حضرته:
وهناك حوادث أخرى اجتهد الصحابة فيها بحضرته صلى الله عليه وسلم نذكر منها ما يلي:
أ- اجتهد سعد بن معاذ في بني قريظة، وحكم فيهم باجتهاده في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وصوبة النبي صلى الله عليه وسلم في حكمة، فعن أبي سعيد الخدري أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد ابن معاذ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد، فأتاه على
١ قال ابن الأثير في "النهاية": نشط من عقال: أي حل.... وأنشطت البعير من عقاله: "أطلقته".