حصول العرض بحيث لا يتفطن لها إلا بنوع من الذكاء وبعد النظر، والحيلة بهذا المعنى لا تحمد على الإطلاق، ولا تذم على الإطلاق، بل تتبع في ذلك الطرق المسلوكة إليها، والمقاصد التي تراد بها.
فالطرق والوسائل الخفية التي تستحل بها المحارم، وتسقط بها الواجبات ظاهرا. وكل حيلة تتضمن إسقاط حق الله تعالى أو لآدمي فهي من الحيل المذمومة شرعا، وهذا هو الذي عناه جمهور الفقهاء والمحدثين بالذم.
والحيل عند فقهاء الحنفية تطلق على المخارج من المضايق بوجه شرعي، جاء في شرح الأشباه والنظائر للحموي: الحيل: جمع حيلة، وهي وجودة النظر، والمراد بها هنا ما يكون مخلصا شرعيا لمن ابتلي بحادثة دينية، ولكون المخلص من ذلك لا يدرك إلا بالحذق وجودة النظر أطلق عليه لفظ الحيلة.
وما دامت الوسائل مشروعة، وتؤدي إلى مقاصد مشروعة، فإن ذلك يكون جائزا.
وجمهور الفقهاء ولا سيما المالكية والحنابلة لا يسوعون الحيل بأي صورة من الصور لأنهم يقولون بسد الذرائع، وهو أصل مناقض للحيل تمام المناقضة.
وقد أورد القائلون بجواز الحيل شبها ردها المخالفون لهم القائلون بتحريمها ومن هذه الشبه:
١- أن نبي الله أيوب عليه السلام حلف ليضربن امرأته مائة ضربة لسبب من الأسباب استدعى ذلك، ثم أذن الله تعالى أن يتحلل من يمينه بحيلة، وهي أن يأخذ ضغثا فيه مائة عود يضربها به ضربة واحدة، كما قال تعالى لأيوب:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} ١؛ فهذه حيلة يقاس عليها غيرها.
وقد أجيب عن هذا: بأن موجب هذا اليمن لغة الضرب مجموعا أو مفرقا، فعلى هذا تكون هذه الفتيا موجب هذا اللفظ عند الإطلاق ولا يكون حيلة، إنما الحيلة